أكد السيد مسعود بارزاني رئيس إقليم كوردستان بأنّه إذا وصلتنا البدائل التي طالبت بها القيادة السياسية الكوردستانية، خلال يومين أو ثلاثة فسنحتفل بالنصر مع جماهير شعب كوردستان في يوم الخامس والعشرين من أيلول 2017م، وإن لم تصل فسنجري عملية الإستفتاء في الخامس والعشرين من أيلول.
كلمة الرئيس بارزاني هذه جات خلال مشاركة سيادته في الإحتفال الجماهيري الداعم لإستفتاء إستقلال كوردستان الذي شهدته مدينة سوران في التاسع عشر من أيلول 2017م، بحضور عشرات الآلاف من أهالي المنطقة.
في هذه الكلمة التي ألقاها الرئيس بارزاني في مهرجان دعم إستفتاء إستقلال كوردستان في سوران، أكد بأنّ قرار الإستفتاء هو قرار شعب كوردستان، وقد إتخذته كافة الأحزاب الكوردستانية المناضلة، وقد كان قرارا شجاعا، وأشاد سيادته بهذا القرار، وبيّن بأنّ ما تم إتخاذه لم يكن قرارا حزبيا أو فرديا بل كان قرارا يخص شعب كوردستان المصرّ على إجراء الإستفتاء .
وشدّد سيادته على أن قرار إجراء الإستفتاء تم إتخاذه بعد أن إنسدَّتْ كل الدروب أمام إقليم كوردستان للحوار مع بغداد، وبعد أن جرب شعب كوردستان كافة السبل والوسائل وعانى من ظلم حكومات لا تؤمن بثقافة التعايش السلمي المشترك وإحترام وقبول الآخر، ولم تجدي معها كافة المحاولات للتوصل إلى حلول جذرية لهذه القضايا العالقة.
وطلب الرئيس بارزاني من شعب كوردستان، بأن لا يتم رفع أعلام الأحزاب والقادة السياسيين في مهرجانات إستفتاء استقلال كوردستان، وأن ترفع الجماهير أعلام كوردستان وصور الشهداء والمؤنفَلين فقط .
وقال سيادته: لقد إتخذنا هذا القرار بعد أن لم يتبقى لدينا أية حلول، وبعد أن تم القضاء على التوافق، وقطعوا حصة الإقليم من الموازنة المالية الإتحادية، وأصدر مجلس النواب العراقي قانونا للحشد الشعبي في ساعتين ولم يفعلوا ذلك طوال أكثر من عامين بخصوص البيشمركة، وقد جاء تصرف إقتطاع حصة الإقليم من الموازنة العامة العراقية بمثابة حملة أنفال أخرى.
وبيّن سيادته بأن شعب كوردستان حاول بشتى الطرق أن يصل إلى حل للمشاكل مع بغداد، وإنّ القيادة الكوردستانية طرحت موضوع الإستفتاء على القيادات العراقية قبل أعوام وعلى الولايات المتحدة الأمريكية أيضاً، وذكر سيادته بأنه طرح هذا الموضوع في البيت الأبيض قبل عامين أثناء إجتماعه مع الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، وقال سيادته: قبل عام قمتُ بزيارة بغداد مع وفد من الأحزاب السياسية الكوردستانية، وأكدنا لهم بما أنّ الشراكة إنتهت وفشلت، فتعالوا لنتخذ هذا القرار الشجاع بأن نكون جيرانا نحترم بعضنا البعض.
وأكد الرئيس بارزاني بأنّ الإستفتاء لا يعني نهاية العالم، بل إنه فرصة لهذا الشعب ليعبر عن رأيه، وستكون الأبواب مفتوحة للحوار والتفاهم، فإن فشلنا في إرساء دعائم الشراكة فلا بديل أمامنا سوى أن نعيش في علاقة حسن جوار إيجابية، وشدّد سيادته بأن إنكار حقوق كوردستان وقطع الطريق على حق التعبير عن الرأي، هو ظلم كبير بحق شعب كوردستان ولا يمكن قبوله البته.
وقال سيادته: هم من أجبرونا على إتخاذ هذا القرار، ليس هذا فحسب بل إنهم يتحدثون وبكل صراحة ووضوح على وجوب عودتنا للخط الاخضر، وهذا ما لا يمكن قبوله لأن هذا الخط الأخضر ليس حدود كوردستان.
وأوضح الرئيس بارزاني بأن الحديث عن الإستفتاء كان بمنتهى المرونة لكنّ المواقف بدأت تتبدل شيئا فشيئا، وقال سيادته: إنّ ما يثير التساؤل هو أنّ المجتمع الدولي لم يأخذ مسألة الإستفتاء بجدية؟، فهم كانوا يعتقدون بأن هذا الموضوع ليس سوى ورقة ضغط وكان يتم تفسيره وفق الآراء والأمزجة الخاصة بهم، ومن جهة أخرى فإنّ معارضو الإستفتاء راهنوا على تفرُّق الكورد وعدم توحدهم الذي قد يقف حائلاً ضد تحقيق الإستقلال وإجراء الإستفتاء، لكن ما أظهره الجانب الكوردي أثبت العكس، فقد تم إتخاذ قرار الإستفتاء من قبل عدد من الإحزاب السياسية في الإقليم ولم يكن قرارا إنفراديا.
وأكد سيادته أيضا بأن الكثير من المعارضين كانوا يتحججون بعدم تفعيل برلمان كوردستان، لكن البرلمان إستأنف أعماله وعقد جلساته وتم تفعيله، وشدد سيادته على ضرورة أن يتم منح شعب كوردستان ضمانات قوية وواجبة وملزمة التنفيذ، لأن شعب كوردستان ذاق الأمرين خلال الفترات الماضية، وقال سيادته: لن نثق بعد اليوم بالوعود الشفهية والرسائل المطاطية، بل إننا نريد أن الحصول على تعهدات مكتوبة بحيث لا يمكن التهرُّب منها، وان مفاوضاتنا مع بغداد من الآن فصاعد لن تكون من أجل تعيين وزير أو تنصيب مدير عام محسوب على هذا الحزب أو ذاك .
وأشار الرئيس بارزاني إلى أنّ القيادة السياسية الكوردستانية أخطأت مرتين، مرة حينما ذهبت إلى بغداد للمساهمة في العملية السياسية العراقية بنيَّة صافية ولبناء دولة جديدة، لكن الشريك المقابل لم يقبل بمبدأ المشاركة ولم يطبقها، أي أننا لسنا السبب في تخريب وزعزعة الوضع في العراق، فهم الذين فعلوا ذلك، أما الخطأ الثاني الذي إرتكبناه فقد كان في عام 2014 عندما قطعت بغداد حصة الإقليم من الموازنة العامة العراقية ونسفت كل ما يتعلق بالشراكة وإنتهى كل شيئ في ذلك الحين، حيث كان على للقيادة السياسية الكوردستانية أن تعلن موقفها من هذا الأمر منذ ذلك الحين، لكن الإقليم إنشغل حينها بالحرب التي فُرِضَتْ عليه ضد إرهابيي داعش.
وذكر سيادته بأنّ الذين يرفضون الإستفتاء والإستقلال اليوم لن يقبلوه بعد عامين أيضاً، ولذلك فإنّ مرور الوقت لا يصب في مصلحة شعب كوردستان، ومن جهة أخرى فإنّ قرارات المحكمة الإتحادية التي صدرت ضد الكورد لن تصل تأثيراتها إلى كوردستان ولا يمكن القبول بها وهي بحد ذاتها تُظهر النوايا الحقيقية والخفية لديهم.
وحول علاقة إقليم كوردستان بجيرانه، بيَّن الرئيس بارزاني بأن كوردستان لن تشكل أي تهديد ضد جيرانها، وطالب سيادته الأصدقاء ودول الجوار بأن يكفوا عن إستخدام لغة التهديد بحق كوردستان لأن هذه اللغة لايمكن القبول بها ولا نفكر أبدا بالإحتكام إلى وسائل العنف، ولكن إن تعرّضنا لأي إعتداء من أي طرف كان، فسيكون لنا حق الرد، ولن نسكت عن أي إعتداء قد يواجهنا في أي وقت كان .
وحول الصيغة المقترحة لدولة كوردستان، أشار سيادته إلى أن الفدرالية هي الصغية التي تم إقتراحها لهذه الدولة المستقبلية، وستُبنى هذه الدولة بمشاركة كافة المكونات القومية والدينية في كوردستان.
وقال سيادته: من الممكن أن نرى في بعض الأمكنة بعضا من العرب العنصريين يظلمون كوردا ممن لا سلطة ولا قوة لهم، ورغم ذلك أطلب منكم أن تبتعدوا عن ردود الأفعال السلبية وأن تحافظوا على أخلاقكم العالية التي تعودنا عليها منكم، ومازلنا نتذكر كيف إحترمتم جنود الجيش العراقي من ثلاثة فيالق سلموا أنفسهم لقوات البيشمركة ولجماهير كوردستان وقد تم تسليمهم إلى عوائلهم بكل تقدير وإحترام، ونؤكد ونفتخر بأننا لا نعاني اليوم من أية مشاكل قومية بين الكورد والعرب والتركمان والكلدان والآشوريين، وكلنا إخوة والجميع حر في حماية وجوده القومي والديني.
|