بسم الها الرحمن الرحيم
الأخوة الأعزاء, حضرات الشيوخ و وجهاء المنطقة أرحب بكم أجمل ترحيب وأشكركم على تلبية الدعوة, الحضور لهذا اللقاء. في البداية أود أن أشير إلى العلاقات التاريخية بين العرب والكورد والتأكيد على تلك العلاقة والتي لم تتأثر بكل الإجراءات الظالمة والتعسفية التي مارستها الحكومات المتعاقبة على الحكم في بغداد ضد الشعب الكردي, بقي الشعب الكردي متمسكاً بتلك الأخوة ولم يلجأ إلى الإنتقام وليس العشوائي حتى الإنتقائي عندما حانت له الفرص كثيرة.
كذلك أود أن أُؤكد على المبادئ التي نؤمن بها وهي مبادئ التعايش, التآخي, التسامح, قبول الآخر هي هذه المبادئ التي توّفر الإزدهار لأي شعب ولأي منطقة, وهي التي توفر الأمن والأمان للمواطنين.
لا يجوز السماح للضالين والظالمين بأن يحولوا أي معركة أو أي حرب بين ثوار و مناضلين وحكومة أو فئة ضالة ومجرمة كما نراها الآن كداعش إلى حرب بين العرب والكرد, وهذا من واجبكم ومن واجبنا أيضاً أن نقف ضد هذه المحاولات, المحاولات السابقة من قبل الحكومات السابقة لم تفلح, وداعش فشل في تثبيت هذا النهج الخطير ومن يأتي بعده إن حاول سوف يفشل بإذن الله.
كما تعلمون أيها الإخوة الكرام قد وقع ظلم كبير على الشعب الكردي بمرور التاريخ, والسياسات الخاطئة للحكومات السابقة في كثير من الأحيان أحدثت شرخاً كبيراً لكن مع ذلك ظل الشعب الكردي متمسكاً بمبادئه السامية وظل متمسكاً بنهج التعايش معكم.
الصراعات الإقليمية والصراعات الدولية والسياسات الخاطئة للحكومات السابقة عقدت الأمور بشكل كبير وخطير. كنت أخشى حقيقة, كنت أخشى كثيراً بعد ما تعرض الشعب الكردي إلى القصف الكيمياوي وإلى الإبادة الجماعية فيما سميّت بعمليات الأنفال أن يلجأ الشعب الكردي إلى إنتقام عشوائي, لكن عندما حصلت الإنتفاضة في ربيع 1991 حقيقةً أقول أن الشعب الكردي رفع رأسنا عالياً, ليس فقط لم يلجأ إلى الإنتقام وإنما راح يستضيف الجنود, جنود الوحدات التي قامت بتدمير كوردستان إنها منتهى الأخلاق ومنتهى التسامح ومنتهى الإيمان بالمبادئ السامية.
الآن كلنا نعاني من آفة جديدة وهي داعش, أظن إنكم أكثر من عانى من شر هذه الفئة الضالّة. مناطقكم تعرضت إلى الدمار وأنتم شهود عيان للنهج الخطير وللحكم المتخلف والذي لا يطاق, وفي كثير من مناطقكم أعتقد مارسوا الحكم لفترة معينة وأنتم تستطيعون أن تعبروا للناس وللعالم كيف كانت معاملتهم وكيف عاملوكم. طبعاً ظهور داعش أيضاً له أسباب ربما ندرك بعض هذه الأسباب وربما نجهل, أسباباً أخرى, لكن لو نظرنا نظرة منطقية إلى ما قام به داعش أين كانت ساحة الحرب؟ أين هي المناطق التي دمِّرت؟ إنها المناطق التي تعتبر مناطق سنّية, سواء في سوريا أو في العراق. ماذا قدمت هذه المنظمة الإرهابية الخطيرة للأخوة السنّة قبل الآخرين غير الشر والدمار والخراب. في هذا العصر في القرن الحادي والعشرين لا يمكن أن يقبل أي فرد أن يعيش تحت ظلم هكذا منظمة ظلامية إرهابية لا تعرف قيمةً للإنسان.
إذن إخوة الكرام يجب أن نستفيد من كل التجارب السابقة، تجارب الحكومات المتعاقبة والتجربة الجديدة. الحمدلله الآن تم تحرير معظم المناطق من شر داعش, ونحن نحتاج إليكم جميعاً, نحتاج إلى العرب, نحتاج إلى الكرد, إلى التركمان, إلى المسيحيين في هذه المناطق كما قلت ينبغي أن نستفيد من التجارب السابقة لكي نقوم ببناء علاقة جديدة, نريد أن تكونوا في مناطقكم معززين مكرمين. ولا يمكن أن نسمح لأحد أن يمسّ بكرامتكم, كرامتكم من كرامتنا وأمنكم من أمننا وعزتكم من عزتنا والعزة لله.
الكل لهم الحق أن يعيشوا في هذه المناطق بحرية وأن تصان كرامتهم. ومن واجب الجميع أيضاً أن يقوم بدوره كل من موقعه وحسب قدرته للحفاظ على الأمن والأستقرار في هذه المناطق.
أيها الأخوة لا يمكن أن تبني أي بلد, أي منطقة, أي قرية إذا لم تتوفر الأمن والأستقرار, الأمن والأستقرار هو من واجب الكل وليس من واجب جهاز معين أو سلطة معيّنة.
سنعمل بكل ما لدينا من قوّة لكي نقدم لمناطقكم الخدمات الضرورية التي توفّر لكم العيش الكريم, وسوف أطلب من حكومة الإقليم أن تباشر فوراً بإتخاذ الخطوات العملية, وكذلك أناشد وأطالب الحكومة الفدرالية أيضاً أن تقوم بما عليها من واجب إزاء المواطنين في هذه المناطق, بعد ما تم تحرير هذه المناطق يجب أن يشعر المواطن بأنه جرى تغيير جذري في نمط حياته أيضاً.
نحن وأنتم يجب أن نتعاون لتثبيت روح التآخي والتعايش والتسامح, ولا يجوز على الإطلاق الجري وراء الضغائن والأحقاد.
إنني أدرك جيداً إن المجرمين الإرهابيين ومن والاهم من مناطق, إرتكبوا جرائم بشعة وأنتم تعرفونهم ولكن لا يمكن أن تزر وازرة وزر أخرى. الذين ارتكبوا جرائم يجب أن يدفعوا ثمن جريمتهم, لكن بطريقة قانونية. الذين ليس لهم حيلة ولم تكن لديهم قدرة, إنهم مواطنون يجب أن لا يحاسبوا بجريرة الآخرين.
المواطنون الذين رفضوا موالاة داعش واختاروا العيش في مناطقهم ولم يذهبوا مع داعش عندما اندحر داعش من هذه المناطق, إنهم يجب أن يعيشوا بكامل الحرية ويشعروا بالكرامة, أما الذين ذهبوا مع داعش أود أن تكون رسالتي واضحة وصريحة لا يمكن أن يعودوا إلى المناطق, مصيرهم سيكون مصير داعش.
وأرجوكم أيها الأخوة أن تنصحوا من بقي في هذه المناطق أن يلتزم بمبادئ الأخوّة و التعايش والتعاون وأن يتفرغ لبناء مستقبله وعلينا جميعاً أن نعمل من أجل بناء مستقبل آمن لأبنائنا وأحفادنا, وأن لا يعيشوا ولا يروا المشاكل التي عشناها نحن.
أرجوكم أن تنصحوهم إذا كان هناك من يعتقد أن نهج داعش هو النهج الصحيح و يؤمن بنهج داعش سوف نسمح له بمغادرة المنطقة والإلتحاق بداعش, أما إذا بقي في المنطقة وقام بأي دور تجسسي أو كدليل أو أي تعاون بأي شكل من الأشكال مع داعش سوف لن نتساهل مع هؤلاء.
فأرجوا أن أكون واضحاً معكم وأرجوا أيضاً أن تكونوا واضحين مع من هو غائب الآن, أنتم تمثلونهم. نريد أن نحمي هذه المنطقة, نريد أن نوفّر الأمن والإستقرار لهذه المنطقة, نريد أن نعيش بأخوّة ومحبة. لا يمكن أن نسمح لأحد أن يتعرض لكم, لكن في نفس الوقت من يتعاون مع داعش بغض النظر عن إنتمائه القومي أو الديني والمذهبي سوف يعامل كما يعامل داعش وكما يعامل مجرم بحق الإنسانية.
الحمدلله رأيتم كيف تم تحرير هذه المناطق وكيف تم دحر داعش, أُؤكد لكم أنه لا مستقبل على الإطلاق لهذه المنظمة الإرهابية, لكن في نفس الوقت لسنا سذجاً لهذه الدرجة أنه بمجرد تحقيق نصر عسكري أنه إنتهت المشاكل, لا سامح الله ربما يظهر في المستقبل تنظيم أو شيئ أخطر من داعش فعلينا جميعاً أن نكون حذرين ومتهيئين ومتأهبين لمواجهة أي تحرك آخر شبيه بداعش, لأن الأعداء كثيرون وعندما نكون متماسكين ومتعاونين مهما حاول الأعداء لا يمكن أن ينفذوا, لكن إذا فتحنا لهم الأبواب عندئذ يجب أن نلوم أنفسنا ولا نلوم الآخرين.
كل من يعيش في إقليم كوردستان يجب أن يكون حراً في إختيار دينه و مذهبه و عقيدته السياسية, بغض النظر عن إنتمائه القومي.
لاحظتم كيف تعرض داعش لمقدسات المسلمين والمسيحيين والأديان الأخرى أيضاً, فجروا قبور و أضرحة الأنبياء, أنا أستغرب من الناس الذين بقوا مع داعش بعد ما ارتكبوا هذه الجرائم البشعة, كيف يمكن أن توالي منظمة أو شخص يذهب ويفجر قبر الأنبياء. قضوا على كل آثار التأريخ, قضوا على الإنسانية, قضوا على الحضارة في الموصل في النمرود في الحضر في كل مكان, أينما وصلت إليه أيديهم ما بقت هناك لا حضارة ولا إنسانية ولا أي شيئ يمس بالحضارة وبالإنسان, لكننا أخذنا درساً بليغاً من هذه التجربة التي مررنا بها. لا يمكن أن نسمح لهؤلاء المجرمين أن ينفذوا إلى هذه المناطق مرة أخرى, وسنبذل كل الجهود مع الحكومة الفدرالية ومع الأخوة الآخرين أيضاً سواءً من هذه المنطقة أو من مناطق أخرى, لن نتخلى ولن نتردد في لعب دور كبير لإسناد أي جهد آخر لتحرير ما تبقى من المناطق. لكن طبعاً ما كان علينا قمنا به وأنجزناه.
والآن تم تحرير معظم المناطق التي نعتبرها جزء من إقليم كوردستان, والمناطق الأخرى أيضاً نحن مستعدون أن نساهم مع الإخوة الآخرين لتحريرها من شر هذه العصابة الإجرامية. وأؤكد لكم بأن المستقبل للخيرين وليس للأشرار.
ومرة أخرى أنا أرحب بكم أيها الأخوة الكرام وأطلب منكم التعاون لتثبيت هذه الروحية لكي نتعايش معاً ولكي نبني هذه المنطقة ونبني كل العراق معاً بهذه الروحية, بروحية التسامح وبروحية التآخي والله الموفق.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.