بسم الله الرحمن الرحيم
أيتها الأخوات وأيها الإخوة الإعزاء
أيها الضيوف والحضور الكرام
يسعدني أن أشارككم فعاليات المؤتمر العلمي الكوردي العالمي الثاني، فهذا المؤتمر يعتبر خطوة مهمة ومباركة، وأتمنى لمؤتمركم النجاح وأتمنى لكم طيب الإقامة في بيتكم ووطنكم في مدينة أربيل التاريخية. وانه لمبعث أمل لنا أن نرى عددا كبيرا من أبناء كوردستان واصدقاء شعبنا هنا، وهم يضعون خبراتهم وإمكاناتهم العلمية في خدمة تطوير تجربة إقليم كوردستان.
أشكركم وأشكر جميع الأخوة الذين بذلوا جهودهم لعقد هذا المؤتمر العلمي، لا شك أنكم عانيتم وتعبتم وصبرتم للوصول إلى هذه المرحلة العلمية، وهنا أود أن أهنئكم وفي الوقت نفسه نحن نعتز ونفتخر بكم. وان الثورة لا تقتصر على البيشمركايتي والنضال المسلح فقط، وأنتم أيضاً بيشمركة وقدمتم خدمات جليلة، وكوردستان أمانة في أعناقنا جميعاً وهي في هذه المرحلة بحاجة الى الخبرة والمقدرة العلمية، لأننا بحاجة الى بناء بنية تحتية راسخة ومتينة في كوردستان كي نضمن الإعتماد على أنفسنا، لا أن نستورد حتى المواد الغذائية البسيطة من الخارج.
مثلما تعلمون ان كوردستان لم تكن أمامها فرصة البناء، بل تعرضت دائماً الى القمع والإضطهاد، وان الناس هنا كانوا عاجزين حتى من تأمين لقمة العيش في حياتهم اليومية، لأنهم هُجِّروا من ديار آبائهم وأجدادهم واُدخلوا في مجمعات قسرية كي يحرمهم من الحصول على قوتهم اليومي، لكن اليوم والحمد لله سبحانه والشكر لأصدقاء شعبنا وشعب كوردستان تحقق الكثير من المنجزات الكبيرة، فكوردستان اليوم لها برلمانها ومؤسساتها الرسمية الخاصة بها، مع ذلك هناك ثمة نواقص أيضاً، نعم هناك الكثير من النواقص، لكننا نأمل أن تسعوا وتصبوا تجاربكم وجهودكم من أجل سد النواقص والثغرات الموجودة. لأننا بحاجة الى خبراتكم وقدراتكم العلمية ونحن على إستعداد للإستماع إلى آرائكم ومقترحاتكم وأخذ إرشاداتكم بنظر الإعتبار والعمل بها.
أيتها الأخوات وأيها الإخوة الكرام
اننا نستطيع أن نتفاخر بإقليمنا حينما نعتمد على أنفسنا ولا نستورد شيئاً من الخارج، ونحتاج الى خبراتكم كي نؤسس البنى التحتية في بلدنا، وهذا لايعني اننا لن نحتاج الى الخارج إطلاقاً، لأن الدول الكبيرة أيضاً تحتاج الى بعضها البعض، لكن الحالة لدينا هي اننا نستورد أبسط الأشياء من دول الجوار ومن الخارج، ويتعين علينا التفكير في البدء بأشياء بسيطة ونعتمد على أنفسنا.
لدينا بلد غنيّ وأنعم الله علينا بالكثير، والشيء الذي بقي أمامنا هو كيف ننظم بيتنا، واننا أمة تعرضنا الى الغدر على مرّ التأريخ، مع ذلك ناضلنا وقدمنا التضحيات.
تجاوزنا اليوم والحمد لله تلك المرحلة التي كنا بحاجة الى أن يعرفنا الآخرون، ففي السابق كنا نشعر بالإرتياح حينما كان موظف صغير في وزارة خارجية إحدى الدول سواء في أوربا أو أمريكا أو أي دولة يبدي إستعداداً كي يستمع الى قصص معاناتنا والمآسي التي تعرضنا إليها حتى وان كان ذلك اللقاء مصادفة في إحدى المطاعم أو أي مكان ويستمع الينا كي نخبره عن أعداد ضحايانا وقرانا المدمرة والمفقودين من أبناء شعبنا، لكن اليوم يوجد عشرون قنصلية في أربيل عاصمة إقليم كوردستان، ومن بينها قنصليات أربع دول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، وهذا تطور كبير، ولهذا يجب أن نفكر في مستقبلنا بواقعية، لنا الحق في تقرير مصيرنا، لكن ولى زمن اللجوء الى النضال المسلح للوصول الى أهدافنا، بل يجب الإحتكام الى النضال الديمقراطي والسلمي وتبني سبل الحوار في الأماكن التي من الممكن اللجوء الى الخيار البرلماني، ويجب أن نترك خيار الإقتتال جانباً للوصول الى تحقيق أهدافنا تلك، فحتى الأصدقاء لن يساندوننا في حال تبنينا لخيار الحرب والتقاتل، وشتان بين النضال للحصول على حقوقنا أن نسلك الخيار الديمقراطي السلمي منه الى تبني سبيل الحرب.
وبخصوص إقليم كوردستان، ان الوضع السائد اليوم لم يتحقق هكذا بسهولة، بل كان ذلك بعد تقديم تضحيات جسيمة، فمازال هناك أكثر من (180) ألفاً من أبناء أمتنا في عداد المفقودين، وما زال أهلنا يبحثون عن رفاة أعزتهم في جنوب العراق ويتم العثور على رفاة بعضهم بين حين وآخر وتتم إعادتهم الى كوردستان، بهذه الصورة وفي غضون خمس دقائق تعرضت مدينة حلبجة الى الدمار وإستشهد سكانها أطفالاً ونساء شيوخاً ورجالاً، وبعد ذلك تعرضت كوردستان الى القصف الكيماوي وحملات الأنفال، فبعد كل هذه المآسي تحققت المنجزات، لذا ان ما تحقق هو لكم جميعاً، اننا اليوم موجودون ولن نبقى غداً، لكن الشعب سيبقى والشباب سيبقون، ولهذا يجب أن تصبح هذه التجربة منارة وشعلة لشعب كوردستان بأسرها.
وأدعوكم مرة أخرى الى أن تدعموا حكومة إقليم كوردستان من خلال عرض ما لديكم من تجارب وخبرات علمية لسد الثغرات، وان مهمة كهذه ليست بالأمر السهل، لكنني وخلال تجربتي توصلت الى قناعة بأن لا يوجد شيء إسمه مستحيل يقف أمام إرادة الإنسان إذا قرر كي يفعل شيئاً، وليس هناك شيء لايمكن تحقيقه إذا وُجدت هذه الإرادة، لذا إنني وبخصوص مستقبلنا كأمة؛ أقول انه ليس هناك أي شيء مستحيل، لكن علينا ان نعرف كيف نتخذ الخطوات من أجل تحقيقه.
وفي الختام، أرحب بكم مرة أخرى وأشكركم على مجيئكم وأتمنى لكم النجاح وشكراً.
|