Presidency of the Kurdistan Region of Iraq

الرئيس نيجيرفان بارزاني يشدد على استقلالية السلطة القضائية

2023-08-27T13:14:28.000000Z
العلاقات الدولية الأخبار

استقبل فخامة رئيس إقليم كوردستان السيد نيجيرفان بارزاني، في مراسم جرت ظهر اليوم (الأحد، 27 آب 2023)، ستين متخرجاً في معهد القضاء بينهم 45 قاضياً و15 نائب ادعاء عام أدوا اليمين القانونية وسيباشرون مهامهم، وكان بينهم 24 سيدة من مناطق أربيل والسليمانية ودهوك وكَرميان.

وخلال المراسم التي حضرها السادة رئيس وأعضاء مجلس القضاء، وأعضاء الادعاء العام، ووزير العدل وعدد من المسؤولين في رئاسة إقليم كوردستان، ألقى فخامة الرئيس نيجيرفان بارزاني كلمة في ما يأتي نصها:

السادة رئيس وأعضاء مجلس القضاء

السادة القضاة

السادة أعضاء الادعاء العام

معالي الوزير

الحضور الكرام

طاب نهاركم..

أهلاً بكم جميعاً..

يسعدني جداً أن نشارك اليوم معاً في مراسم مباشرة ستين من خريجي الدورة الرابعة لمعهد القضاة أعمالهم، وهم خمسة وأربعون قاضياً وخمسة عشر نائباً للادعاء العام. من دواعي الارتياح وجود أربع وعشرين سيدة ضمن هذ العدد يتوزعن على مناطق أربيل والسليمانية ودهوك وكَرميان. أهنئكم وأبارك لكم أحر المباركة.

تولي القضاء، مهمة صعبة ومسؤولية جسيمة أمام الله وأمام الضمير وأمام المجتمع وأمام الإنسانية. لقد اخترتم مهنة شاقة بحق، فأرجو لكم النجاح في هذا الطريق الصعب الذي اخترتموه فليوفقكم الله ويكتب لكم النجاح.

إكمالكم الدراسة بمعهد القضاء بنجاح، ثم أداؤكم اليمين القانونية أيها السادة كقضاة ونواب للادعاء العام ومباشرتكم ـمهامكم، هو حدث مهم وموضع اهتمام بالغ لإقليم كوردستان. فأنتم تتعاملون مباشرة مع المواطنين ودعاواهم وحقوقهم. أنتم الحماة لحقوق كل طبقات وشرائح المجتمع وللحقوق والممتلكات والمصالح العامة.

أيتها السيدات والسادة..

إن القضاء هو أساس الحكم في أي بلد، فهو الحامي للمجتمع والحامي للنظام السياسي في أي بلد، وفي مجتمعات العالم المتقدم تعد استقلالية القضاء، وسيادة القانون، والثقة بالسلطة القضائية، ضرورات حياتية تتمتع بالأولوية القصوى وضرورة حكيمة. وهي الأساس للتقدم السياسي والاقتصادي والاجتماعي.

فيا ترى كم هي ضرورية هذه الأمور وتمثل أولوية وحاجة لمجتمع مثل كوردستان يمر بمرحلة انتقالية ويريد كوردستان تعزيز النظام الديمقراطي الذي أقامه؟

لا شك أنكم جميعاً مطلعون على أقوال وآراء رئيس الوزراء البريطاني وينستون تشرشل والرئيس الفرنسي شارل ديغول في فترة الحرب العالمية الثانية، فبينما كانت لندن تتعرض للتدمير تحت نيران القصف النازي، سأل تشرشل وزير العدل: كيف هي أحوال القضاء؟ أجاب الأخير: هي بخير! فأطلق تشرشل كلمته الشهيرة: إذن لا تخافوا، فبريطانيا في أمان.

كذلك، بعد تحرير فرنسا من الاحتلال النازي، وعندما عاد الرئيس ديغول إلى باريس، سأل أحد رفاقه: كيف هي أحوال القضاء ومحاكم البلد؟ فأجابه الأخير: لا تزال بخير. فقال ديغول: إذن نستطيع أن نعيد بناء فرنسا.

هكذا تنظر المجتمعات المتقدمة إلى القضاء. لهذا لا شك أن استقلالية السلطة القضائية وسيادة القانون، لنا في إقليم كوردستان، أعمدة رئيسة لحكم صحيح وناجح في البلد. ولكي يثق المواطن ويطمئن إلى السلطة القضائية والقانون والمحاكم، يجب أن يكون مطمئناً إلى أن هؤلاء يحفظون له حقوقه.

ولكي تطبق السلطة القضائية القانون والعدالة، ولتكون بحق محل ثقة، وحامية لحقوق الجميع، ولكي تمارس دورها في بناء مجتمع آمن مدني وفي مأسسة الحكم، ولكي تكون الظهير والحامي لكل ذي حق، يجب أن تكونوا محايدين وعادلين تماماً، وأحراراً ومستقلين عند إجراء التحقيقات وإصدار الأحكام.

هذا واجب ومسؤولية كبيران يقعان على القضاة، عليكم أنتم أيها المحترمون الأحبة. أنتم الذين تتحملون هذه المسؤولية أمام الله والضمير والإنسانية. فيجب أن تكونوا في مستوى هذا الواجب وهذه المسؤولية.

أيتها السيدات والسادة..

القانون ضمن الحرية للقاضي، ومهمة السلطة القضائية والقضاة هي الحفاظ على استقلاليتهم والدفاع عنها بكل شيء، من واجب القاضي أن لا يرضخ لأي طلب أو تدخل من أي شخص أو جهة أو سلطة. عليه أن لا يقبل وأن يرفض قيام أي شخص أو جهة أو سلطة بفرض أي أمر عليه.

يخلد المواطن إلى النوم آمناً في الليل، ويطمئن إلى القانون ويلتزم بالوطن عندما يكون واثقاً من استقلالية القضاء والمحاكم والقضاة. عندما يكون واثقاً من أنه في حال انتهك له حق يوماً ما، فهناك قانون سائد فوق الجميع سيدافع عنه ويحميه، ويعيد له حقه وكرامته. أما إذا افتقر المواطن إلى هذه الثقة وهذه القناعة، فتأكدوا أنه لن يكون هناك شيء سويّ وقويم.

لهذا أيها السادة، فإنكم تتمتعون بكل الدعم من رئاسة إقليم كوردستان ومؤسسات البلد والجهات ذات العلاقة.

لم ندّع ولا ندّعي بالتأكيد أن إقليم كوردستان يخلو من أي عقبة تعترض سبيل استقلالية القضاء وسيادة القانون! كما لا ندّعي أن كل ما يتعلق بالسلطة القضائية صحيح، ولا تتعرض لأي ضغوط سياسية!

بل هناك مشاكل وتحديات حقيقية تواجه السلطة القضائية تحتاج إلى تصحيح وإصلاح. لكن المهم، وأؤكد لكم أن لدينا إرادة حقيقية ومصرون ونعمل باستمرار على التصحيح، ويمكنكم أنتم من جانبكم أن تقضوا على المشاكل خطوة فخطوة.

بإمكانكم أن تجعلوا القانون يسود وتقطعوا الطريق على التدخل في مهامكم وقراراتكم. وأقول واثقاً إن السلطة القضائية اتخذت هذا المسار وتسير فيه وستستمر، ومع علمنا بأن المشاكل كثيرة، ومع أننا نعلم أن المشاكل ليست يسيرة، فإن هذا تم تحديده كهدف يتمسك به القضاة.

أيتها السيدات والسادة..

من المهم أن تطوروا قدراتكم باستمرار. أن تراعوا في القضاء حقوق الإنسان والمعايير الدولية، وأن تخوضوا دورات تأهيل وتقوية في كل المجالات، وتفيدوا كل الإفادة من التكنولوجيا، وتتواصلوا وتتعاونوا باستمرار مع السلطات الأخرى في إقليم كوردستان ومع المؤسسات القضائية في العراق والعالم.

عند إعداد قانون معهد القضاة، كانت عندنا مجموعة أهداف، منها: إعداد القضاة وأعضاء الادعاء العام وتعزيز مستوياتهم العلمية والمعرفية، لتتقدم السلطة القضائية من الناحية المؤسساتية ومن ناحية الكفاءات البشرية المتقدمة بما يضمن تعزيز مكانة السلطة القضائية، ويعزز ويفعّل حكم القانون وسيادته.

وها نحن اليوم نلمس ثمار معهد القضاء الذي هو وليد هذا القانون في إقليم كوردستان، وهو موضع ارتياح وامتنان من جانبنا.

وأنتهز هذه الفرصة لأشدد على ضرورة إعداد مشروع قانون خاص بالادعاء العام ليكون هناك تنظيم قانوني لمهامه ويتم إعداد هيكل مؤسساتي صلد له، ليُعرض المشروع على برلمان كوردستان القادم لدراسته والمصادقة عليه.

مرة أخرى أتقدم بالتهاني لكل الخريجين، السادة القضاة ونواب الادعاء العام وأخص السيدات الكريمات منهم بأحر التهاني. أرجو أن تسد مباشرتكم مهامكم جزءاً من النقص في هذا المجال. وأن تكونوا أنموذجاً لجيل جديد من السلطة القضائية، وتنجزوا مهامكم بروح عصرية مستقلة حرة، وتعززوا الثقة عند المواطنين.

الشكر والثناء والامتنان لمعهد القضاء، فأنتم تنجزون مهمة مباركة، دمتم موفقين وكان الله في عونكم.

شكراً لحضوركم وأرجو لكم نهاراً سعيداً، وأكرر تهاني الحارة لكم وأهلاً بكم وسهلاً.