Presidency of the Kurdistan Region of Iraq

الرئيس نيجيرفان بارزاني: ينبغي للدستور أن يوفر ضمانات لكل الكوردستانيين

الرئيس نيجيرفان بارزاني: ينبغي للدستور أن يوفر ضمانات لكل الكوردستانيين
2021-05-20T08:48:11.000000Z
تقارير

في مؤتمر "الوحدة والدستور" الذي نظمته اليوم، الأربعاء 19 أيار 2021، جامعة كوردستان في أربيل، شارك السيد نيجيرفان بارزاني رئيس إقليم كوردستان في الندوة الحوارية الأخيرة بالمؤتمر وسلط الضوء على العديد من المسائل المرتبطة بالدستور وبأوضاع إقليم كوردستان والعراق.

في البداية، ولدى إجابته على سؤال حول رأيه ووجهة نظر فخامته من الحوارات التي شهدها المؤتمر، والتحركات السياسية الرامية لتوحيد صف الأطراف الكوردستانية ومسألة الدستور، قال الرئيس نيجيرفان بارزاني: "أود مقدماً أن أشكر كل الحضور الكرام الذين أغنوا هذا المؤتمر بكلماتهم وآرائهم، وأوجه الشكر الخاص للممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، والتي كانت مشاركتها في هذا المؤتمر وبقاؤها هذه الفترة الطويلة معنا، منذ الصباح، علامة بارزة تدل على الدعم وعلى جدية العملية السياسية في إقليم كوردستان وفي العراق، فشكراً جزيلاً".

ومواصلة لإجاباته، أعلن فخامته: "لا شك أنه كان هناك الكثير من الحديث عن مسألة الوحدة والدستور، وبعض الكلام الذي كنت أود قوله، سبقني إليه منذ الصباح سيادة رئيس الحكومة السيد مسرور بارزاني وسبقتني إلى بعضه السیدة ريواز فائق رئيسة برلمان كوردستان. ما أريد قوله عن مسألة الدستور، هو أن الدستور وسيلة لتحقيق هدف، فما هو هدفنا من كتابة الدستور؟ ما هو الهدف الذي نريد تحقيقه؟ وماذا نريد أن نفعل لدى كتابته؟ إننا نريد الدستور لتنظيم النظام السياسي في إقليم كوردستان، نريد الدستور لتكون السيادة في هذا البلد للقانون، نريد الدستور لتشعر مكونات إقليم كوردستان كافة بالأمان في هذا البلد، وتشعر بأن لها ولأجيالها القادمة مستقبل أفضل. الهدف من كتابة الدستور هو حماية قضية المواطنة التي هي أهم الأهداف المرجوة من كتابة الدستور. لدينا تنوع كبير في العراق بصورة عامة، ولدينا تنوع في إقليم كوردستان، هذه المكونات في إقليم كوردستان، ولا نسميها أقليات، لأن جمال كوردستان يكمن في موزائيك التعايش هذا وعيشنا معاً جميعاً في هذا البلد، هنا يكمن جمال إقليم كوردستان. هنا أذكركم بمقولة للرئيس الأمريكي في العام 2014 عندما بدأ داعش يزحف باتجاه إقليم كوردستان، ففي سياق تعبيره عن الدعم لإقليم كوردستان قال "يوجد هناك تعايش"، لذا فالأمر الذي يجب أن نفخر به دوماً هو أن التعايش قائم في هذا البلد، وجمال كوردستان ينعكس من خلال كل القوميات التي تعيش في إقليم كوردستان، وفي أننا جميعاً كوردستانيون. لا شك أنه ينبغي لهذا الدستور أن يوفر ضمانات لهذه المكونات، والأحاديث التي دارت اليوم، وخاصة تلك التي في الندوة الحوارية التي سبقت ندوتنا، هي كلام القوميات التي تعيش في كوردستان والتي أظهرت أنها ليست مطمئنة حتى الآن. ينبغي لدستور إقليم كوردستان أن يقدم ضمانات لهؤلاء الناس. دستور إقليم كوردستان، وكما أشارت السیدة ريواز فائق، بدأوا العمل عليه مشكورين في برلمان كوردستان، ثم بحثوه معنا أيضاً. لقد اتضح الآن أننا بحاجة للمزيد من التباحث حول هذا الموضوع مع القوى السياسية والمجتمع المدني، لأن الدستور كما ذكر سيادة رئيس الحكومة هذا الصباح، وأريد التأكيد على ما قال، ليس خاصاً بحزب بعينه، كما أنه ليس لقومية بعينها، ولا لمكون بعينه، بل الدستور لكل الكوردستانيين الذين يعيشون في إقليم كوردستان، ولهذا يجب أن يكون انعكاساً لتوجهات كل المكونات التي تعيش في إقليم كوردستان ومحل اهتمام هذه المكونات، وهذا أمر مهم. سنباشر نحن في رئاسة إقليم کوردستان بالتعاون مع برلمان كوردستان ورئاسة حكومة إقليم كوردستان، باتخاذ خطوات عملية لكتابة الدستور. التقينا بعض الأطراف، لكن رحلتنا لم تنته وسنزور الأطراف الأخرى وسنقف على هذه المسألة بجدية كبرى، ونريد أن يكون دستوراً لإقليم كوردستان يطمئن إليه كل مكونات إقليم كوردستان ويعلقون الآمال عليه".

وبخصوص مسألة الوحدة، أعلن فخامة رئيس إقليم كوردستان أن "الوحدة مسألة مهمة جداً جداً، على مر تاريخنا وفي المحطات التي اتحدنا فيها. لا شك أننا كأحزاب مختلفون عن بعضنا البعض كثيراً، لكن علينا أن نتفق على شيء واحد، على هوية جامعة لنا، على أمر يجمعنا كلنا. فمثلاً، خلال حرب داعش، كان البيشمركة يمثلون تلك الهوية التي حشدت كل الكوردستانيين حولها، وكانت شرفاً كبيراً. في تلك الحرب لم يقل أحد ٲن هذا من الاتحاد الوطني وذاك من الديمقراطي الكوردستاني والآخر من التغيير وهذا مسيحي وذاك إيزيدي، بل دافعت الأطراف كافة عن كوردستان معاً، وأصبح البيشمركة رمزاً وهوية وطنية، علينا أن ننمي هذا أكثر فأكثر وأن نعمل في إقليم كوردستان على صياغة هوية لنا نتفق عليها في كل الأطراف، وقد يكون الدستور واحداً من الأبواب والأمور التي تبين لنا ما هي واجباتنا وما هي حقوقنا. فلو عرف الكل هذا، نستطيع تنمية مفهوم المواطنة في هذا البلد أكثر فأكثر. هناك مسألة المبادئ التي حفظت إقليم كوردستان إلى الآن، ولنلق نظرة على هذه المراحل، منذ العام 1991 عندما تشكلت الجبهة الكوردستانية وشاركت فيها القوى كلها، استطعنا تحقيق مكاسب كبيرة، لأننا كنا معاً. في المراحل الأخرى التي تلت تلك، كنا معاً عند كتابة الدستور العراقي، وكنا معاً في حرب داعش إلى حد كبير، وفي الفترة الأخيرة عندما حصلت بعض الأمور في البرلمان العراقي كنا معاً واستطعنا تحقيق بعض المكاسب. لكن السؤال هو: هل انتهت مهمة وحدتنا، أم يجب أن نعززها أكثر؟ يجب أن نعلم حقيقة وهي أن ما تم تثبيته لإقليم كوردستان في الدستور العراقي هو وثيقة تاريخية مهمة جداً، الوثيقة التاريخية الوحيدة في يدنا بعد العام 1970، هي الدستور العراقي الذي كتب بعد 2003. لكن دعونا نطرح سؤالاً على أنفسنا: هل نفذت بغداد منذ 2003 إلى اليوم الدستور العراقي والحقوق الدستورية لإقليم كوردستان؟ لا لم تفعل هذا قط من كل النواحي. كنا في وضعنا هذا في العام 2003، ولم يزد عليه شيء بعد سقوط النظام السابق. لكن إن سألنا كل الكوردستانيين وقلنا: هل أنتم مطمئنون إلى مستقبلكم في هذا البلد؟ أعتقد أن الجميع سيقولون بصوت واحد: كلا! فللأسف الشديد لم تطبق حتى الآن غالبية المواد الدستورية المتعلقة بإقليم كوردستان. فكيف تطبق هذه المواد؟ وكيف يطبق هذا الدستور؟ الشرط الأول لتطبيقه وسعينا لتطبيقه هو أن نكون معاً، فمع هذا التشرذم لن نستطيع مساعدة أنفسنا ولا مساعدة العراق. هناك تحديات كثيرة تواجه إقليم كوردستان اليوم، فقد اتفقنا على الموازنة، وسيادة رئيس الحكومة موجود هنا وكذلك السيد نائب رئيس الحكومة موجود هنا، ولم ينفذ منها شيء إلى الآن، لم يف العراق حتى الآن لإقليم كوردستان بأي من الأمور التي أصبحت قوانين، لهذا فإن من واجبنا أن نكون معاً وأن نكون متحدين، فأمامنا الكثير لنحققه في بغداد من خلال هذه الوحدة، نحن مؤمنون بالنظام الاتحادي، ومؤمنون بأن نحل مشاكلنا في إطار العراق وبموجب الدستور العراقي، نريد أن تطبق المواد الدستورية التي لها علاقة بإقليم كوردستان. الدستور العراقي يكفل لإقليم كوردستان الحق في أن يكون له دستوره، والدستور الذي سيكون لإقليم كوردستان يجب أن يضمن استمرار حماية القيم التي طالما تفاخر بها إقليم كوردستان والمتمثلة في الديمقراطية وحرية التعبير وهي المبادئ التي ميزت إقليم كوردستان عن سائر أنحاء العراق. هنا يتبادر هذا السؤال: هل حقاً لم تتحقق أي مكاسب كما قيل؟ لقد حققنا مكاسب كبيرة جداً بفضل صمود شعب كوردستان ونضال البيشمركة ودماء شهدائنا وجهودهم، وما كان عندنا لم يكن بالقليل. لكن هل كل الأمور في هذا البلد هي على خير ما يرام ولا نعاني من أي مشاكل؟ لا، فهناك الكثير من المشاكل، لكن المهم هو أنه إلى جانب المشاكل القائمة في إقليم كوردستان، نتلمس تقدماً في بعض المجالات، قضية الاقتصاد مشكلة كبيرة في هذا البلد، والمشكلة المالية مشكلة كبيرة، لكن مع ذلك نجد أن إقليم كوردستان حقق تقدماً كبيراً في الكثير من المراحل، وقد حقق ذلك نتيجة وحدة الصف والاتحاد. هذا ليس موضع فخر حزب لوحده، بل هو مفخرة لكل شعب كوردستان ولولا مساندة وصمود شعب كوردستان وتفهم موظفي إقليم كوردستان، لكان مستحيلاً أن تستطيع حكومة إقليم كوردستان الاستمرار إلى الآن. ليس هناك أثقل على رئيس حكومة ونائب رئيس حكومة في العالم أن يعجز عن تأمين الرواتب كاملة. ينبغي أن نعلم أن مهمة حكومة إقليم كوردستان صعبة، صحيح أنه كانت هناك مشاكل فيما مضى وهناك مشاكل الآن، لكننا في الحقيقة حققنا تقدماً جيداً، فقد تحقق تقدم جيد في مسائل الشفافية والنفط والتدقيق في النفط والموازنة، ودعونا لا نستصغر هذه الأمور. يجب على كل الأطراف المشاركة في الحكومة أن تدرك واجبها، وأن تشعر بأنها جزء من العملية السياسية واتخاذ القرار في هذه الحكومة، وبهذه الطريقة نستطيع العمل معاً، فلا يجوز عندما يتحقق مكسب ما أن يدعي كل طرف بأن هذا المكسب له، وعندما تسوء الأمور تبرئ نفسها من المسؤولية وتلقيه على الحزب الفلاني أو الشخص الفلاني أو الطرف الفلاني، فشعب كوردستان يدرك حقاً هذه الشعارات ويعرف حقيقتها. علينا جميعاً أن نتخطى معاً هذه المرحلة الصعبة التي أمامنا. سنكتب هذا الدستور، لكن يجب أن يكون دستوراً تتفق عليه الأطراف كافة ويجب أن نحمي وحدة الصف هذه ونواصل مساعينا لحين تحقيق مكاسبنا التي يضمها الدستور العراقي. أمامنا مرحلة حساسة جداً، أمامنا مسألة الانتخابات العراقية، إنها مرحلة مهمة وكل الأطراف منهمكة في إعادة تنظيم صفوفها استعداداً لهذه الانتخابات، ونحن في إقليم كوردستان إن تشرذمنا وذهب كل في اتجاه، لن نتمكن من تحقيق أي مكسب لإقليم كوردستان وللكوردستانيين، أما إن اجتمعنا كلنا معاً، فلا شك ٲننا سنتمكن من تخطي هذه المرحلة الصعبة بإذن الله".

وحول الاستقرار السياسي ومساعي فخامته في داخل إقليم كوردستان والعراق واستمرار جهوده ونتائجها، قال فخامة رئيس إقليم كوردستان: "لا شك أن مساعينا ستستمر، سواء في داخل إقليم كوردستان أم في بغداد أم مع الخارج. هناك دعم سياسي كبير في الخارج للعراق ولإقليم كوردستان، ويجب أن نستثمر هذا الدعم السياسي لنتمكن من حل مشاكلنا مع بغداد في إطار العراق وبموجب الدستور العراقي".

وبخصوص الدعم السياسي الخارجي والكلمة التي ألقتها في المؤتمر السيدة جينين بلاسخارت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، وأثر كل ذلك على خطوات فخامته على صعيد إقليم كوردستان والعراق، قال فخامة الرئيس نيجيرفان بارزاني: "مهام الأمم المتحدة في العراق معروفة ومعلنة، السيدة جينين تشرف على مكتب يونامي في العراق، ومهمة هذا المكتب هي مساعدة العراقيين على حل مشاكلهم، وكان لهم مشكورين دور إيجابي حتى الآن وبذلوا جهوداً جادة لحل المشاكل بين العراقيين أنفسهم وبكل السبل. في رسالة إلى الأمم المتحدة، طلبنا نحن باسم إقليم كوردستان زيادة تجسيد دور يونامي في المساعدة على حل المشاكل القائمة بين إقليم كوردستان وبغداد، وما نهدف إليه بالنتيجة هو تحقيق الاستقرار السياسي في البلد، فبدون حل المشاكل القائمة، لن يستتب الاستقرار السياسي في العراق، فالآن نجد داعش أكثر نشاطاً من ذي قبل في المناطق التي تعرف باسم مناطق المادة 140 ويسعى باستمرار لتخريب الاستقرار والأمن في هذه المناطق، وإن أردنا أن يتحقق الاستقرار السياسي في العراق، يجب أن تحل هذه المشاكل. ٳن إقليم كوردستان بكل مكوناته لیس مطمئناً على مستقبله إلى الآن، نحن بحاجة إلى ضمانات، وفي هذا السياق يجب على بغداد والمجتمع الدولي مساعدة العراق بصورة عامة بجدية أكبر بكثير. نحن لا نقصد تقديم المساعدة لإقليم كوردستان وحده، بل نقصد مساعدة كل العراق، فمشاكل إقليم كوردستان هي جزء من المشاكل القائمة في العراق، وحل هذه المشاكل من الأهمية بمكان، خاصة وأن بإمكان الأمم المتحدة ممارسة دور أكبر في هذا المجال، وفي الواقع نتقدم بشكرنا الوافر لدورهم وجهودهم التي بذلوها حتى الآن".

بعد ذلك، شارك الحاضرون في الندوة، بطرح مجموعة من الأسئلة والملاحظات، ولدى إجابته على سؤال هل أن النقاط المشتركة أكثر من نقاط الاختلاف بين أطراف إقليم كوردستان، قال الرئيس نيجيرفان بارزاني: "أجل، في إقليم كوردستان النقاط المشتركة بيننا أكثر بكثير من نقاط الاختلاف وأنا متفائل بأننا قادرون على حل نقاط الاختلاف. لا شك أن الاختلافات الفكرية الحزبية والأحزاب في هذا البلد ستبقى، وهذا جزء من الوضع في إقليم كوردستان. دعوني أشير إلى أمر آخر، في الماضي عندما كانت تبرز مشاكل في هذا البلد، كان هناك خوف من اللجوء إلى السلاح لحسم المشاكل واندلاع الحرب الأهلية، واليوم توجد عندنا مشاكل بالفعل لكن لا أحد يفكر في أن يحمل يوماً ما السلاح في وجه الآخر، سواء كأحزاب أم كأطراف أخرى. صحيح أنه لا تزال أمامنا مراحل كثيرة لنجتازها، لكنني أرى في هذه النقطة تقدماً، إذ يوجد بيننا حوار سياسي وتواصل، لسنا على وئام تام لكن مع ذلك لا يفكر أي طرف في إقليم كوردستان في اللجوء إلى السلاح لحل مشكلة، وأعتقد أن هذا تقدم كبير في وضع إقليم كوردستان".

وفي معرض تعليقه على مداخلة للسيد رحمان غريب رئيس مركز ميترو حول مضمون دستور إقليم كوردستان، أعلن الرئيس نيجيرفان بارزاني: "أتفق مع ما قال السيد رحمان غريب بشأن الدستور. حكومة الإقليم وبرلمان كوردستان ورئاسة الإقليم ملتزمون بهذه المبادئ (الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية التعبير والإعلام) أشار السيد رحمان إلى ذلك ولا شك أننا جميعاً مدركون أن هذه هي المفاهيم التي حافظت على إقليم كوردستان. لقد حاربنا في سبيل الحرية، حارب شعب كوردستان في سبيل الحرية، وكان أول شعارات الثورة هو الحكم الذاتي والديمقراطية. لا شك أن الديمقراطية ليست شيئاً أو هبة تمنحك إياها دولة ما وتقول هذه هي الديمقراطية، بل الديمقراطية اسلوب حياة. لا أدعي أن الديمقراطية في إقليم كوردستان خالية من العيوب، فلا شك أن فيها نواقص، لكن الذي يهم هو أن نستمر في العملية الديمقراطية رويداً رويداً. لا يمكننا أن نقارن بين ديمقراطية إقليم كوردستان وديمقراطية الدول الغربية فهما مختلفان. لكن السؤال المهم هو: هل نحن على طريق صحيح يؤدي إلى هذا الهدف؟ هذا هو المهم، على أن نستمر في هذا، هذا البلد وهذا الشعب الذي حارب في سبيل الحرية والديمقراطية لن يتراجع إلى الوراء ونحن نعرف هذا ولم يكن هذا مشكلتنا قط، بل على العكس فإننا نؤيد هذه الآراء. لكن إن كان السؤال: هل يخلو إقليم كوردستان من المشاكل وكل الأمور في هذا الجانب كاملة؟ فاقول لا، هناك مشاكل، وعلينا أن نحلها شيئاً فشيئاً، وهناك عملية، ويجب أن تستمر هذه العملية في المضي باتجاه الهدف الذي سعى إليه وناضل في سبيله هذا الشعب بسعيه من أجل الحرية والديمقراطية والسيادة. لذا فإننا متفقون مع ما قالە الاستاذ رحمان".

وعن مداخلة مشارك آخر في الندوة، حول مخاوف المكونات والقضاء على تلك المخاوف في دستور إقليم كوردستان، قال فخامته: "يجب أن يكتب دستور للواقع الحالي لإقليم كوردستان. الدستور الذي نكتبه يجب أن يجسد واقع إقليم كوردستان بكل مكوناته. خلال هذا المؤتمر ومنذ بدايته صباح اليوم، أدركنا مخاوف وقلق كل الأطراف، من مدافعين عن العلمانية ومدافعين عن الإسلامية ومدافعين عن المكونات والأديان، وتم إلى حد كبير طرح النقاط التي تسبب عدم الارتياح والقلق وستحمل جميعاً على محمل الجد. لقد اتجهنا لحد ما إلى أن يكون لمكون يشكل الأغلبية في مكان ما الحق في إدارة شؤونه بنفسه، ولا مشكلة عندنا في هذا، وكانت لنا تجربة ناجحة جداً في هذا المجال عندما أرسلنا البيشمركة والآسايش إلى سهل نينوى بعد العام 2003، وساعدنا المكونات في تلك المناطق على أن تكون لها قواتها وتتولى حماية مناطقها بنفسها، وحقاً تولوا حماية مناطقهم من كل شيء بصورة جيدة حتى ظهر داعش. لكن المؤسف، وكما أشار إلى ذلك أبونا ساكو، فإن المخاوف جدية عند هذه المكونات، أي أن هذه المكونات تتعرض لضغوط كبيرة في تلك المنطقة، ولا ينبغي التقليل من شأنها. نحن نتفاخر دوماً بكون إقليم كوردستان محلاً للتعايش، ومثلت زيارة قداسة البابا لإقليم كوردستان والعراق انعكاساً لهذا، وقد اتخذ قداسة البابا بنفسه قرار زيارة العراق وزيارة إقليم كوردستان في العراق، وكانت رسالته هي رسالة التعايش والقيم التي نعتز بها نحن دائماً ككوردستانيين وكحكومة وبرلمان وسنواصل التمسك بهذه القيم. هذا الدستور الذي كتب وهناك مسودة له، إنما المكتوب هو آلية الدستور، وهناك من يظن أن البرلمان هو من يكتب الدستور، لا، فالآلية واضحة وهي أن على البرلمان أن يؤدي هذه المهمة، يجب أن يشكل البرلمان لجنة لهذا الغرض، ولا يشترط أن تكون اللجنة من الذين في البرلمان وحدهم، بل يجب أن يشارك خبراء وأعضاء متنوعون في كتابة الدستور. عندنا مسودة دستور وفيها الكثير من الأمور الجيدة وتوصلت إلى أشياء جيدة وهي بحاجة إلى مراجعة ليصوت عليها بإذن الله".

وجواباً على سؤال عن كون كل طرف في إقليم كوردستان يرغب في أن يكتب الدستور حسب معاييره هو، ويكون لمعاييره مكان فيه، قال الرئيس نيجيرفان بارزاني: "دار حديث جيد في الندوة الحوارية الأولى، وكان هناك كلام إيجابي وبعض الآراء الجيدة في الندوة بينما طغت أجواء ومزايدات انتخابية على بعض ما قيل، وأظن أن هذا طبيعي والمهم هو أن نستطيع الرد على هذه الأمور في مكانها. في الحقيقة لا أجد مشكلة كبيرة في كتابة الدستور، الأمر الأهم هو أن يعكس الدستور الذي سيكتب وإلى حد بعيد تطلعات وطلبات كل مكونات شعب إقليم كوردستان، وأعتقد أن هذا هو أهم شيء، وكما أسلفت فإن الدستور لا يكتب لحزب، بل لإقليم كوردستان ونريد منه أن ينظم الأمور، وقد يتم تعديل الدستور بعد سنوات، لكننا بحاجة إلى كتابة هذا الدستور لحاضر إقليم كوردستان ولتنظيم الأمور. عملية الحکم وإدارة الشعب عملية تستمر سنين وأزماناً. لو نظرنا إلى حكومة إقليم كوردستان لرأينا أننا أجرينا انتخابات من العام 1992 وإلى 2003، وتأسس البرلمان عن طريق صناديق الاقتراع، ويوافق اليوم ذكرى أولى انتخابات في إقليم كوردستان، وهذا يعني أنه تقرر منذ ذلك الوقت أن يحسم إقليم كوردستان مشاكله من خلال صناديق الاقتراع، وهذه العملية استمرت منذ سنة 1992 وإلى الآن، وستستمر. كانت مسألة الإدارة الذاتية هي البداية لإقليم كوردستان، وأذكر جيداً أنهم جميعاً في بغداد كانوا يراهنون في العام 1991 على نقطة واحدة ويقولون إن إقليم كوردستان لن يتمكن من إدارة شؤونه بنفسه سيعودون مجبرين ويقبلون أيدينا ويدعوننا للعودة إلى كوردستان لنحكمها. منذ ذلك الحين وإلى الآن تشكلت حكومة إقليم كوردستان وتوالت الكابينات الحكومية، كانت هناك مشاكل وكان هناك تقدم وكان هناك نواقص ولم تكن الديمقراطية كما يجب، لكنها استمرت ولم تمض الأمور نحو الأسوأ ولا ينبغي أن تمضي بهذا الاتجاه ويجب أن نحسنها من كل الوجوه ونمضي بها نحو الأحسن. الكابينة الحكومية السابقة وسابقاتها لإقليم كوردستان أنجزت أموراً جيدة وارتكبت أخطاء، وهكذا ستكون الكابينة الحالية ولكنها ستستمر بعد هذه أيضاً، والذي يبقى هو هذا الشعب، وهذا البلد هو الذي سيبقى، وعلى الجيل الذي يأتي بعدنا أن يسعى بجد لحماية المكاسب التي ناضل الشعب في سبيلها، وقدم الدماء من أجلها، وعانى من أجلها الآلام. لو سألت أياً من السادة الجالسين هنا، ستجد لكل واحد منهم قصة مع المعاناة والنكبات، وأقصد أننا كلنا مسؤولون عن الوضع الحالي لإقليم كوردستان وليس أي منا بمستثنى ويجب أن تكون مسألة مفهوم المواطنة فوق كل شيء والباب والطريق الوحيد الذي يمضي بإقليم كوردستان إلى الأمام".

وفي الختام، قال السيد نيجيرفان بارزاني: "شكري الخاص لجامعة كوردستان ورئيسها لتنظيم هذا المؤتمر، وأعتقد أنه كان مؤتمراً جيداً، تم إثراؤه بالآراء التي قدمت خلاله، والله المستعان وليسعد الجميع. شكراً جزيلاً".