شارك فخامة رئيس إقليم كوردستان السيد نيجيرفان بارزاني، صباح اليوم الخميس 3 آب 2023، في مراسم الذكرى التاسعة للإبادة الجماعية للإيزديين وفاجعة سنجار التي نظمتها في أربيل منظمة (يَزدا).
وخلال المراسم التي حضرها السادة مصطفى سيد قادر نائب رئيس إقليم كوردستان، وقوباد طالباني نائب رئيس وزراء إقليم كوردستان ووزراء ومسؤولون في إقليم كوردستان ودبلوماسيون وشخصيات وناجيات وناجون إيزديون وضيوف أجانب وأكاديميون ورجال دين إيزديون ومسلمون ومسيحيون وممثلون عن المجتمع المدني، ألقى فخامة الرئيس نيجيرفان بارزاني كلمة فيما يأتي نصها:
ذوو ضحايا الإبادة الجماعية للإيزديين
الحضور الكريم...
طاب نهاركم وأهلاً بكم في مراسم استذكار فاجعة سنجار الأليمة والإبادة الجماعية للإيزديين.
إن استذكار الإبادة الجماعية للإيزديين استذكارٌ مميز وخاص للغاية، فأنا أرى أن تلك الإبادة الجماعية وتلك الفاجعة لم تنتهيا بعد ولا زالتا مستمرتين. فلا يزال هناك عدد كبير من النساء والأطفال والرجال المختطفين الإيزديين بلا أثر، وطالما بقي مختطف إيزدي واحد مفقوداً لن تكون الجريمة قد انتهت ولا تزال تداعياتها تجلب معها الألم والحسرة للإيزديين ولكل شعب كوردستان.
اليوم هو اليوم الذي علينا جميعاً أن نثمن فيه بطولات وتضحيات البيشمركة، حيث بعد إعادة تنظيم البيشمركة تحت قيادة الرئيس مسعود بارزاني، تم القضاء على أسطورة داعش على الأرض. فتحية للأرواح الطاهرة للأبطال الذين قدموا أرواحهم فداء في سبيل تحرير سنجار وحماية كل كوردستان. الشكر والتقدير لمساندة التحالف الدولي من أجل القضاء على داعش للبيشمركة والقوات العراقية.
شكراً لأبناء شعب إقليم كوردستان الذين فتحوا أبوابهم في وجه النازحين، النازحين الإيزديين، وبالأخص أبناء محافظة دهوك الذين تعاونوا بكل شكل مع الأخوات والإخوة الإيزديين. ما لن يُنسى أبداً، هو الموقف الإنساني جداً والمتمثل في فتح الأهالي في بهدينان أبواب البيوت والمدارس والمساجد لاستقبال وإيواء الأخوات والإخوة الإيزديين.
أشُدّ على يد منظمة (يَزدا) التي نظمت هذه المراسم. كما أثني على أعمالها التي أنجزتها من أجل الإيزديين. أرجو أن يستمروا في أعمالهم بقوة وبحماسة. مع شكري الخاص للسيدة نادية مراد على كل ما قدّمته من أجل الإيزديين.
أشكر البرلمانات والحكومات والمنظمات في أنحاء العالم والتي أقرت فاجعة سنجار كجريمة إبادة جماعية وساعدت الإيزديين بشكل من الأشكال. آخرهم الحكومة البريطانية التي أقرت في الأول من هذا الشهر فاجعة الإيزديين كجريمة إبادة جماعية، نشكرهم ونشد على أيديهم، وندعو الدول الأخرى أيضاً إلى الإقرار بأن تلك الجريمة الكبرى هي إبادة جماعية.
إننا في إقليم كوردستان ننظر بتقدير وامتنان إلى مواقف وتعاطف وتعاون ومساندة هذه الدول للمجتمع الإيزدي.
أيها الحضور الكريم...
في الثالث من آب حلّ فرمان آخر أسود بالإيزديين، وأدرجت فاجعة أخرى في تاريخ شعب كوردستان، لم يكن أحد يصدق أن جريمة وحشية كتلك سترتكب بحق الإنسان في القرن الحادي والعشرين. الفاجعة هذه المرة كانت صادمة، آلمت قلب كل شخص في كوردستان، فقد أقدم داعش وبمنتهى الوحشية على اختطاف النساء والأطفال الإيزديين وتحويلهم إلى بضاعة تُباع وتُشترى، ولم يرتدع عن ذبح وقتل البشر وحرق وهدم منازل ومعابد الإيزديين. تلك الجريمة، جريمة لا نظير لها في عصرنا هذا.
وكنتيجة لوحشية داعش تلك، استشهد أكثر من 5000 إيزدي على يد داعش، منهم 400 قتلوا بصورة جماعية في قرية كوجو. لقد تم حتى الآن العثور على 83 مقبرة جماعية، ولا يزال 135 ألف نازح إيزدي يقيمون في المخيمات تحت الخيم وفي ظل أوضاع صعبة، وانتشر 189 ألفاً منهم في مدن وقصبات إقليم كوردستان، بعد تشيردهم من منطقة سنجار. كذلك بات 2745 طفلاً بلا أبوين نتيجة هجوم داعش. هذا يضاف إلى آلاف آخرين من الإيزديين الذين هاجروا إلى أوروبا ودول أخرى وانقطعوا عن أرضهم ووطنهم وأهلهم.
للأسف لا تزال 1244 فتاة وسيدة و1402 من الشباب والرجال الإيزديين المختطفين بلا أثر.
وتم إلى الآن تحرير 1208 امرأة و339 رجلاً و2023 طفلاً، وهنا أثني بصورة خاصة على السادة المسؤولين عن مكتب تحرير المختطفين الإيزديين وجميع أعضاء فريق المكتب فرداً فرداً، وأؤكد من جديد وأقول إنه طالما بقي مختطف إيزدي واحد سيبقى هذا الفرع من مكتبي وسيواصل العمل على العثور على المختطفين وإنقاذهم.
السادة الحضور..
أحوال الإيزديين في منطقة سنجار سيئة للغاية، ولهذا فإن الكثير من العوائل التي عادت إلى سنجار وجدت نفسها مضطرة للرحيل عن سنجار مرة أخرى، وذلك بسبب الافتقار إلى الخدمات وغياب الأمن والأمان وانعدام فرص العمل.
من الضروري جداً أن تولي الحكومة الاتحادية العراقية اهتماماً خاصاً بالخدمات وبإعادة إعمار سنجار التي تضررت أكثر من أي مكان آخر من هجوم داعش، لأنه في سنجار وإضافة إلى البيوت والمباني والشوارع والطرق، تم تدمير العوائل والمجتمع، وتعرض أهالي سنجار إلى عملية أنفال كبرى، أحدثت جرحاً عميقاً في أجساد وأنفس الإيزديين وأهالي سنجار، لا يمكن أن يندمل بسهولة ويحتاج الأمر إلى مساعدة وتعاون الجميع.
الجريمة التي ارتكبت ضد الشعب الإيزدي خلّفت آثاراً اجتماعية ونفسية كبرى، ونتيجة للعيش في ظل غياب الخدمات وتحت الخيم تسع سنوات، زاد تأثير تلك الإبادة الجماعية. إننا مطلعون عن كثب على الأوضاع المعيشية الصعبة والسيئة لهم في المخيمات، وتغييرُ هذه الأوضاع مسؤوليتنا جميعاً في العراق وإقليم كوردستان.
إن تنفيذ اتفاقية سنجار يفتح الباب في وجه عودة أهالي سنجار والمنطقة، ولكي يستطيع الناس العيش في سنجار وأطرافها مطمئنين آمنين يجب على كل القوات التي ليست من أهالي سنجار أن تخلي المنطقة، وتسلم إدارة سنجار وحمايتها لأهالي منطقة سنجار ولسلطة قانونية. يجب أن ترحل القوات التابعة لـPKK وكل القوات المستقدمة من الخارج، من المنطقة. تلك القوات لا تجلب لسنجار والإيزديين سوى البلاء وغياب الأمان والاستقرار، كما تزيد جراحهم عمقاً.
أيها السادة..
الإيزديون يعتنقون عقيدة إنسانية مسالمة، لا يهاجمون أي شخص أو شعب، لا يتدخلون في ديانة أحد، ولا يقبلون من أحد أن يتخلى عن دينه ويعتنق دينهم، لكي يحافظوا على سلام دائم. مسالمون هادئون في التعامل مع كل من يجاورهم. هناك مقولة إيزدية جميلة في هذا الصدد مفادها
امتطوا ظهور الجياد الحرائر
واسمعوا لكل الأنفس
وصادقوا كل مخلوق
الإيزديون والديانة الإيزدية حافظت على العقائد والآداب واللغة في كوردستان، فلغة العبادة الإيزدية هي الكوردية. ربما تجد كوردياً غير إيزدي في مدينة أو في أي جزء من كوردستان يجهل اللغة الكوردية، لكنك لن تجد في أي مكان إيزدياً متديناً لا يعرف الكوردية.
في جميع ثورات كوردستان، كان للإيزديين دور مهم، ولهذا ربانا آباؤنا وأجدادنا على حب الإيزديين واحترامهم. أما أعداء كوردستان فلم يكفوا يوماً أيديهم عن الإيزديين، وخلال عمليات الأنفال تعرضت قرى إيزدية عديدة للأنفال.
كان الإيزديون دائماً جزءاً بارزاً محبوباً من شعب كوردستان، وسيبقون هكذا. الإيزديون وكل مكونات كوردستان، مهما كانت دياناتهم وأعراقهم، تعايشوا سلمياً منذ غابر الزمان. واليوم ومن هنا، أطمئن كل الأخوات والإخوة الإيزديين وجميع مكونات كوردستان إلى أن بلدنا كوردستان سيظل للأبد مهد التعايش وقبول الآخر والتسامح، ولن نسمح أبداً بخطاب الكراهية والتطرف ولن يكون له مكان بيننا.
الحضور الكريم...
إن ضيق حال الإيزديين يشكل دائماً جزءاً مهماً من محادثاتنا مع الأطراف والمسؤولين في دول العالم، ومن دواعي الارتياح أن وحدة في الخطاب العالمي بخصوص الإبادة الجماعية للإيزديين قد تشكلت وتتسع دائرتها، لكن المؤسف أنه لم ينشأ اتفاق داخلي في العراق على حلحلة أوضاع منطقة سنجار، وهذا عمل سيء للغاية بحق أهالي منطقة سنجار.
الوقت الآن مهم لأدعو من هنا البرلمان والحكومة والأطراف السياسية الكوردستانية والعراقية عموماً لعقد اجتماع خاص لمتابعة تنفيذ القرارات السابقة وإيجاد الحلول العاجلة والعملية لأوضاع منطقة سنجار.
لهذا من الضروري أن يقف البرلمان وكل الكتل في البرلمان العراقي والحكومة الاتحادية العراقية على اتخاذ خطوات عملية لتطبيع أوضاع سنجار ويعملوا عليها.
مرة أخرى ننحني إجلالاً للأرواح الطاهرة لضحايا الإبادة الجماعية للإيزديين، وشكراً لحضوركم ومشاركتكم.
أهلاً بكم.