تمر علينا اليوم الذكرى السنوية الثلاثون ليوم مضيء في التاريخ المعاصر لشعب كوردستان. فقبل ثلاثين سنة من الآن وفي 5 نيسان 1991 أصدر مجلس الأمن الدولي القرار رقم 688، وبدأت بموجب ذلك القرار عملية توفير الأمن ثم تشكل الملاذ الآمن ومنطقة حظر للطيران، مما أدت فيما بعد إلى حماية قسم كبير من إقليم كوردستان. فلم تستطع قوات النظام العراقي آنذاك تنفيذ هجمات على شعب وأرض كوردستان من الجو ولا من الأرض.
كان ذلك القرار الإنساني انعطافة تاريخية بالنسبة لشعب كوردستان، لإيقاف الهجرة المليونية لشعب كوردستان باتجاه الحدود الإيرانية والتركية، وهي الهجرة الجماعية التي عبر الشعب من خلالها عن رفضه العودة مرة أخرى للعيش في ظل الظلم والدكتاتورية. ثم اتخذ القرار بعداً أمنياً يقضي بحماية الأمن والأستقرار، واتخذ في الأخير بعداً جديدا سياسياً واجراء انتخابات ربيع 1992 اسفرت عن تأسيس برلمان وحكومة وتجربة إقليم كوردستان كأمر الواقع.
ٳن مفهوم التدخل الإنساني الذي ولد مع هذا القرار، فإنە ٳلى جانب تقديم مساعدات إنسانية كبيرة، فتح باب الحياة وتجربة ديمقراطية جديدة في وجه إقليم كوردستان. هيأ له الفرصة للإعمار وتقديم قصة نجاح وتجربة جديدة في المنطقة و وقیامە كشريك بارز للعالم المتقدم بتعزيز القيم المدنية المعاصرة، وان يصبح المدافع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان ويعمق ثقافة قبول الآخر والتعايش والتسامح.
لا شك أنه كان بإمكان إقليم كوردستان خلال تجربة الثلاثين سنة الماضية أن يقدم أنموذجاً أفضل. فبالرغم من جمیع المکتسبات كانت هناك أخطاء وعيوب ولا زالت، لكن المشاكل والعراقيل التي وضعت في طريقه لم تكن قليلة وقطعت عليه طريق المزيد من التقدم. والآن، فإن الخيار الوحيد المتاح لنا هو أن نخطو صوب مستقبل أفضل من خلال التلاحم والتشارك وبالإفادة من تجارب الماضي، والحوار والتفاهم والاتفاق مع الحكومة الاتحادية العراقية بدعم ومشاركة ومساعدة المجتمع الدولي.
في هذه المناسبة نكرر تحياتنا وامتناننا للمجتمع الدولي الذي اتخذ قبل ثلاثين سنة من اليوم قراراً صائباً وصحيحاً. وأثبت شعب كوردستان بقيادة الجبهة الكوردستانية أنه في حال توفرت له الحرية والفرصة، يستطيع أن يقدم أنموذجاً جيداً ومميزاً. ندعوكم لدعمنا ومساعدتنا على اتخاذ خطوات أكبر صوب مستقبل أفضل مشترك وآمن ومستقر ومتقدم مع العراق والمنطقة والعالم، لنحمي معاً من خلال الشراكة والتعاون، القيم الإنسانية السامية والعالم المتقدم، ونتصدى معاً للعنف والتطرف والإرهاب.
نتقدم بالشکر الجزیل لکل من ٳیران وترکیا لاستقبالهما مئات الآلاف من لاجئي کوردستان.
شكراً لكل الدول التي شاركت بأي شكل من الأشكال في إصدار القرار 688 الدولي وفي عملية توفير الأمن وإقامة منطقة حظر للطيران والملاذ الآمن وتوفير المساعدات الإنسانية وأظهرت الإرادة السياسية لحماية شعب كوردستان. شكراً للأمم المتحدة والمنظمات غیر الحکومیة، شكراً للرأي العام العالمي الذي حث حكوماتهم على حماية شعب كوردستان. لن ننسى دعمكم ومساعداتكم تلك أبداً ونتطلع إلى استمرار شراكتكم ودعمكم ومساعدتكم.
شكراً للصحفيين والمصورين الكرام الشجعان وللقنوات الإعلامية التي كان لها دور كبير في إيصال صوت شعب كوردستان ونقل صور ومشاهد معاناة وآلام الشيوخ والأطفال والمرضى والعجزة والنساء والرجال النازحين الذين لا حول لهم ولا قوة من المناطق الحدودية والجبلية الوعرة للعالم كله، فحشدوا بذلك مساندة إنسانية كبیرة لشعب كوردستان. شكراً للجالية الكوردستانية والفنانين الكورد والمؤسسات والمنظمات الكوردستانية في المهجر. تحية لكم، الشكر والتقدير لكم جميعاً.
نيجيرفان بارزاني
رئيس إقليم كوردستان
5 نيسان 2021