شارك فخامة السيد نيجيرفان بارزاني رئيس إقليم كوردستان، مساء اليوم، الخميس، 12 أيلول 2024، في مراسم أقامتها القنصلية الكورية الجنوبية في إقليم كوردستان بمناسبة الذكرى العشرين لقدوم فرقة الزيتون الكورية الجنوبية إلى إقليم كوردستان.
وفي المراسم التي حضرها عدد من السادة المسؤولين ووزراء حكومة إقليم كوردستان ودبلوماسيون وشخصيات أكاديمية وعسكرية من إقليم كوردستان، ألقى فخامة الرئيس نيجيرفان بارزاني كلمة، فيما يأتي نصها:
الحضور الكرام
الضيوف الأعزاء،
مساء الخير،
آنيو هاسييو..
أرحب بكم جميعاً أشد الترحيب في مراسم الذكرى العشرين لقدوم فرقة الزيتون التابعة لجيش كوريا الجنوبية إلى إقليم كوردستان، والتي دشنت العلاقات بين أربيل وكوريا. أرحب بصورة خاصة بسعادة (تشوي سونغ سو) سفير كوريا الجنوبية لدى العراق. إن هذه الذكرى، والعلاقات الكورية مع إقليم كوردستان بالغة الاهميةوموضع اهتمام كبير من جانبنا.
تعود علاقات كوريا الجنوبية مع العراق، إلى أواخرثمانينيات القرن الماضي، الا انه ومنذ حوالى عشرين سنة قبل الآن، لم تكن هناك أي علاقات بين إقليم كوردستان وكوريا الجنوبية. كان الجانبان كلاهما غريبين عن بعضهما البعض. لكن في أيلول 2004، أصبح وصول أولى فرقة عسكرية كورية جنوبية، وهي فرقة الزيتون، لمساعدة إقليم كوردستان، واستقرارها في أربيل، الخطوة الأولى لبداية العلاقات بين الجانبين.
جاء ذلك عندما أصبحت قوات كوريا الجنوبية، بعد عملية تحرير العراق، جزءاً من التحالف الدولي للمساعدة في إعادة بناء العراق. لم تكن مهمة كوريا الجنوبية في العراق وبضمنه إقليم كوردستان، مهمة حربية أو اقتصادية، بل كانت مهمة إنسانية وسلمية بنيت على مشاعر عميقة هدفها المساعدة والتعاون.
وقد جاؤوا آنذاك إلى إقليم كوردستان باسم الزيتون الذي يرمز للسلام والإعمار ومد يد العون، ولا يزال أبناء كوردستان يذكرون لغاية اليوم العبارة المدونة على الحافلات التي جاؤوا بها هدية لإقليم كوردستان، حيث كُتب عليها: نحن أصدقاؤكم. إنهم بمجيئهم إلى هنا تعرفوا على شعب وتراث شرق أوسطي جديد، وكذلك تعرف شعب كوردستان بدوره على العديد من الجوانب المميزة لكوريا الجنوبية.
صحيح أن فرقة الزيتون كانت فرقة عسكرية، لكنها كانت تتولى مهام المساعدة الإنسانية والدعم لمواطني كوردستان.فأضحى ذلك البداية لافتتاح بعثة دبلوماسية كورية في إقليم كوردستان، والتي رفع المكتب الدبلوماسي في السفارة الكورية مستواها في العام 2016 إلى قنصلية.
مستشفى الزيتون، وعلى الرغم من كونه مستشفى عسكرياً، الا انه فتح أبوابه في وجه المواطنين وكان يقدم لهم العلاج والرعاية الطبية. كما اسست مكتبة في متنزه الشهيد سامي عبدالرحمن، وتعاونوا مع أغلب وزارات ودوائر الحكومة. أنشأ جنود الفرقة علاقات صداقة مع المواطنين وعرّفوا شعب كوردستان على الثقافة والتقاليد الكورية.حتى بلغ الأمر الى رواج العديد من القصص والمسلسلات الدرامية الكورية بين المشاهدين الكوردستانيين وذاع صيتها.
وقامت وكالة (كويكا) بتقديم خدمات كثيرة ولا زالت تواصل تقديم خدماتها ومهامها في إقليم كوردستان. كان لها دور مشهود في إعادة بناء نحو ستين مدرسة وخمسة عشر مركزاً طبياً، ومستشفى ومكتبة الزيتون، وساعدت في تأسيس معهد كوردستان للإدارة العامة وتأسيس وتفعيل نظام التسوق الإلكتروني. كل هذا وكثير غيره، أعمال وخدمات بارزة قدمها الكوريون لإقليم كوردستان.
هذه البداية كانت المنطلق لعلاقة من دواعي السرور أنها لا تزال علاقة صداقة مستمرة، وبعد عشرين عاماً لا يزال دور وتأثير وحضور وبصمة أصدقائنا الكوريين ظاهرة بجلاء في العديد من المجالات في إقليم كوردستان. لقد كانوا أصدقاء مخلصين لنا ونشيد بكل هذه المساعدات والمعونات ونعبر عن الامتنان لها.
لدي شخصياً ذكريات جميلة وحية عن زيارتي الأولى إلى كوريا. لن ننسى تلك الحفاوة والصداقة التي استُقبلنا بها عند وصولنا إلى سيئول، حيث جرى الترحيب بنا بلغة كوردية جميلة سلسة في المطار، والآن، بينما نحيي الذكرى السنوية العشرين لهذه البداية المهمة، أصبحت كوريا الجنوبية وشعبها وتراثها وتأثيراتها معلومة تماماً لشعب كوردستان.
فبفضل الأعمال والخدمات الكورية الجنوبية الكثيرة، التي قدمتها هنا فرقة الزيتون، ووكالة كويكا، والشركات، وشركاؤنا الكوريون ويقدمونها، بنيت صداقة متينة لا تزال مستمرة بين الجانبين إلى الآن.
إننا في إقليم كوردستان مسرورون جداً بهذه العلاقات وفخورون بها. نأمل ونتطلع الى توسيعها أكثر فأكثر ومستعدون لتعزيز التعاون المشترك بيننا في المجالات كافة وعلى أساس المصالح المشتركة.
أيتها السيدات والسادة..
إن قصة نجاح كوريا الجنوبية الفريدة، لافتة جداً وملهمة للعالم كله، ويمكن لإقليم كوردستان والعراق استخلاص الكثير من الدروس والعبر النافعة منها. فقد كانت كوريا تعاني من تداعيات ما بعد الحرب ومن الدمار واقتصاد هزيل، لكنها وبمساعدة ومعاونة دولية، ألقت بثقلها وركزت على إعادة بناء الإنسان والبنى التحتية والمرافق الأساسية.
ونتيجة خطط استراتيجية ومبادرات وإبداعات، خرجت كوريا الجنوبية من تحت نير الدمار والأوضاع الصعبة والتخلف لتصبح القوة العظمى الاقتصادية الكبرى الرابعة عشرة عالمياً. أصبحت واحدة من أقوى القدرات التكنولوجية، وطبعت بصمتها على التقدم التكنولوجي والعلمي على المستوى العالمي.
في العام 1971 وبعد الحرب، كان من بين الأعمال الأكثر حكمة وصواباً في كوريا الجنوبية، تأسيس (معهد التنمية الكوري). حيث صاغ هذا المعهد وبنجاح سياسات واستراتيجيات النهضة والتنمية والتقدم الاقتصادي وإعادة بناء الإنسان والمجتمع الكوريين.
وبعد بضع سنوات برزت نتائج وآثار عظيمة لأعمال هذا المعهد واتضحت في تقدم ونمو الاقتصاد الكوري. هنا يمكننا نحن أيضاً ووفق الظروف والمعطيات وحاجة إقليم كوردستان، أن نعمل على تكرار تجربتهم هذه.
وفاء وإخلاص والتزام وارتباط المواطن الكوري بأرضه ووطنه وشعبه، وإيمانه وثقته وأمله ورجاؤه في مستقبل أفضل، وعمل وإصرار وكدح وتضحيات الكوريين، كانت أسباباً رئيسة لنجاح بلدهم، وكل هذا نبع من التربية والتعليم والتنشئة الصحيحة.
التجربة والقصة الكوريتان عموماً، تقولان لنا ولكل الإنسانية: عند وجود الإرادة والرغبة في التطور واستثمار الإنسان وتعزيز القدرات، فهناك دائماً فرصة لكي لا يبقى أي شعب أو أمة في المؤخرة، وهناك دائماً طريق يؤدي إلى النجاح وتحقيق الأهداف العليا، مفتوح في وجه الشعوب.
في هذه الذكرى نؤكد على شراكاتنا مع كوريا الجنوبية، وأن إقليم كوردستان أرضية ملائمة للاستثمار وتشغيل رؤوس الأموال، وفيه فرص للقطاع الخاص الكوري، في المجالات كافة.
فلا يزال بإمكانهم العمل بفعالية أكبر في ازدهار وتطوير البنى التحتية لإقليم كوردستان، وتقديم المساعدة فيالمجالات العلمية والتكنولوجية والثقافية وغيرها من المجالات كثير، وذلك من خلال الشراكة والمشاركة. إن آفاق علاقاتنا يمكن أن تتسع كثيراً وتصبح أكثر شمولاً وبما ينفع الجانبين.
ختاماً، وبعد مرور عشرين عاماً، أود من هنا، من أربيل، أن اجدد باسمي وباسم شعب كوردستان التعبير عن الشكر والثناء والتقدير لكل فرد في فرقة الزيتون. سلامي وتحياتي لهم، وأخص منهم بالتحية والتقدير والمحبة سيادة الجنرال هوانغ، أول قائد للفرقة، وللسادة الضباط: بارك وكيم ولين والجميع، وأقول لهم: أسعدتنا معرفتكم كثيراً، ونحن نفتقدكم، وأينما كنتم الآن فإننا نرجو لكم العمر المديدوالسعادة والنجاح.
شكراً جزيلاً للسيد قنصل كوريا الجنوبية في إقليم كوردستان ولفريق القنصلية، لتنظيمهم هذه المراسم، ومرة أخرى أرحب بكم جميعاً.
مساء سعيد أرجوه لكم جميعاً، وقد تعلمت في كوريا كلمة يقولونها عند الوداع: كامساهامنيدا..
شكراً جزيلاً.