شارك فخامة السيد نيجيرفان بارزاني رئيس إقليم كوردستان، صباح اليوم (الخميس، 17 تشرين الأول 2024) في مراسم تخرج دورة الإعداد التاسعة والعشرين للكلية العسكرية الثانية في زاخو، بحضور عدد من المسؤولين الحكوميين في إقليم كوردستان وممثلي الأحزاب والأطراف والقيادات، بالإضافة إلى الضباط ومدرسي الكلية العسكرية وأهالي الطلبة الخريجين.
وبعد عرض عسكري قدمه الخريجون في المراسم، ألقى فخامة الرئيس نيجيرفان بارزاني خطاباً، فيما يأتي نصه:
أيها الخريجون الاعزاء،
الحضور الكرام،
طاب نهاركم.. أهلاً بكم جميعاً وعلى العين حللتم..
سعيد جداً وأنا اشارك مع حضراتكم في تخرج دورة الإعداد التاسعة والعشرين في الكلية العسكرية الثانية في زاخو. هذا المشهد موضع فخر لنا ولشعب كوردستان عامة حيث نشهد تخرج (792) سبعمئة واثنين وتسعين من ضباطنا الشباب وقد أكملوا دراستهم العسكرية والاكاديمية والعملية.
إنه لموقف يستحق الفخر والإشادة البالغة، عقب إكمالكم لدراستكم الجامعية، انخرطتم برغبتكم من أجل إكمال الدراسة العسكرية لتصبحوا ضباطاً في صفوف البيشمركة. هذا مؤشر يظهر إخلاصكم وحبكم لتقديم الخدمة لكوردستان. دمتم موفقين.
ما يفرحنا أكثر هو وجود (50) خمسين شابة كوردستانية بين المتخرجين. و(13) ثلاثة عشر إيزدياً وخريجاً كاكائياً، وهذا يفرحنا جميعاً، أقدم من القلب تهاني الحارة لكم ولعوائلكم الكريمة التي تشارك معنا اليوم في هذه المراسم، مبارك لهم ومبارك لكم، وأرجو لكم النجاح.
أنا اليوم أشارككم الاحتفال مع عوائلكم، وأفتخر بكم من القلب، كما تفخر بكم عوائلكم، وإن شاء الله ستزخر حياتكم بالنجاح والموفقية المستمرين.
وهنا أود أن أقول شيئاً، يوجد بيننا اليوم شخص حاضر معنا، يشارك في هذه المراسم بصفته أباً، وهو أحد قادتنا الذين قدموا خدمات جليلة لكوردستان، لكنه للأسف أصيب في معركة تحرير العراق، فلنصفق معاً ترحيباً بـ(وجيه بارزاني) المشارك معنا اليوم.
وكما أن عوائلكم حاضرة معكم اليوم، وتعتز بكم جميعاً، أنا أيضاً بصفة عائلية، أود أن أوجه له كلمة خاصة، أقول له: عماه، نحن نفاخر بك، لأن أحد الخريجين هنا اليوم هو ابنك. لقد ربى ابنه وعلّمه أن يستمر في المضي في الدرب الذي سلكه والده وأصيب فيه من أجل حرية العراق وعزة شعبنا، علّم ابنه على الاستمرار في هذا الدرب. أطال الله في أعماركم جميعاً ووفقكم ونصركم، وأهلاً بك وسهلاً عم وجيه، وعلى العين والرأس. كن واثقاً أن تعبك في سبيل خدمة جيش كوردستان والجهود التي بذلتها، ستبقى دائماً صحيفة تسطر بالذهب في تاريخ نضال البيشمركة وكوردستان، ونحن جميعاً نفخر بك. أرجو لكم جميعاً النجاح والموفقية. آمل أن نشهد في المرة القادمة زيادة أكبر في عدد النسوة المشاركات في هذه الدورات.
أيها الخريجون الاعزاء،
منذ وجود البيشمركة ولغاية اليوم، كان الالتحاق بصفوف البيشمركة موضع فخر واعتزاز ومسؤولية كبيرة. ومنذ ظهور اسم البيشمركة ولغاية اليوم، كانت ثقة الكورد وكوردستان بأنفسهم، وبقضيتهم وحقوقهم المشروعة راسخة ثابتة وتزداد رسوخاً وثباتاً يوماً بعد يوم.
أن تكون بيشمركة، واجب مقدس جداً، وهو جزء مهم من الهوية الوطنية والقومية الكوردستانية. إنه مواصلة لمسيرة طويلة من النضال والكفاح من أجل حماية شعبنا وفي سبيل حماية الكوردستانيين. لذلك فان تخرجكم اليوم، ونجاحكم وإكمالكم للدراسة، ليس نهاية الطريق.
كلا،
ما تبدأون به اليوم، هو بداية خدماتكم وواجباتكم الجديدة مع مؤسسات الحكومة من أجل كوردستان. هذه المهام تمثل مصدر فخر واعتزاز كبير لكم ولنا جميعاً. في الأشهر التسعة التي قضيتموها في الإعداد والتدريب والتعلَم، اكتسبتم تجربة ثرية تؤهلكم اليوم لتقديم الخدمات لوطنكم.
شهاداتكم ليست مجرد منجز أكاديمي، بل هي عهد شرف ورمز للإخلاص والوفاء، وأمانة كبيرة لخدمة شعبكم ووطنكم، ومؤشر على استعدادكم لكل تضحية في سبيل الوطن.
قدّم البيشمركة تضحيات كبيرة جداً على مدار تاريخ الحركة التحررية لشعب كوردستان. خلقوا روح الصمود وقدّموا دماءهم وجسدوا روح التصدي، في دفاعهم عن أرض كوردستان، وعن شعبهم. فتاريخ البيشمركة يحفل بالبطولات والشهامة والتضحيات العظيمة في سبيل الحرية والرفعة لكوردستان. قدّموا رؤوسهم قرابين لكنهم لم ينحنوا قط للعدو.
وقف البيشمركة بشجاعة في وجه الأنظمة الدكتاتورية السابقة في بغداد، الملكية منها والجمهورية، ولم يستسلموا أبداً. وانتفضوا مع الكوردستانيين وحرروا الوطن. إن مسيرة البيشمركة كلها بطولات وأمجاد وتضحيات جليلة من أجل حرية ورفعة كوردستان.
ومؤخراً، عندما هاجمت أكبر منظمة إرهابية على مستوى العالم، العراقَ وكوردستان، كان البيشمركة هم الذين حطموا بأرواحهم ودمائهم أسطورة داعش في جبهات القتال. ولم يسمحوا أن تقع كوردستان بيد الإرهابيين. لذلك، طالما بقي الكورد وكوردستان سيبقى البيشمركة مصدر إلهام لشعب كوردستان وحماة لهم ورمزاً للدفاع والصمود. وننحني هنا تكريماً لدماء الشهداء الذين ناضلوا وضحوا بأرواحهم في هذا السبيل.
أود في هذه المناسبة أن أعبر مرة أخرى عن شكر وتقدير إقليم كوردستان لقوات التحالف الدولي التي ساندت البيشمركة في الحرب ضد داعش. لقد كانت مساعداتهم للبيشمركة وللجيش العراقي دعماً ستراتيجياً وحاسماً. وكانت نموذجاً حياً للتعاون الدولي في مجال التصدي للتحديات المشتركة الكبرى التي تظهر في طريقنا.
ومن المهم أيضاً أن نشير إلى التنسيق والتعاون بين البيشمركة وقوات الجيش العراقي في مواجهة الإرهاب. فالعمل المشترك للجانبين، البيشمركة والجيش العراقي والحشد الشعبي، وبالأخص في مناطق المادة (140) التي نعمل فيها مع الجيش العراقي على حفظ الأمن والأمان والاستقرار. واليوم، وفي هذه المناسبة ننحني مرة أخرى إجلالاً لدماء الشهداء، سواء أكانوا من الجيش العراقي أو الحشد الشعبي أو البيشمركة، الذين قدموا أرواحهم فداء للدفاع عن العراق. إننا نرى أن داعش لا يزال يشكل تهديداً وخطراً جدياً على أمن واستقرار العراق وهذه المنطقة.
وعليه، من المهم والضروري جداً أن يستمر هذا التعاون بين الجيش العراقي وقوات البيشمركة. يجب أن يستمر هذا التعاون، ودعونا لا ننسى أننا قدمنا الدماء معاً في سبيل الدفاع عن العراق وكوردستان. وأنا أرجو أن يثمر تعاوننا المستمر هذا عن أمن شامل لكل العراق وعن مستقبل زاهر للعراق وكوردستان ولكل من يعيش في العراق. إن البيشمركة جزء من المنظومة الدفاعية للعراق، لذلك يفترض ان يفي العراق بكافة التزاماته القانونية تجاه البيشمركة ويؤمّن المساعدة والدعم والتسليح للبيشمركة. البيشمركة ليسوا خطراً، بل البيشمركة حماة للعراق ولكوردستان وللإنسانية.
نقدم شكرنا وتقديرنا وثناءنا للقوات الامريكية ولأصدقائنا الآخرين في التحالف الدولي، لدعمهم المستمر لعملية الإصلاح الجارية في وزارة شؤون البيشمركة من أجل إعادة تنظيم وتوحيد قوات البيشمركة.
هذه العملية لا تجري كما تمنينا لها نحن وهم، ولم ترق بعد لمستوى طموحنا. فهناك عراقيل والتقدم فيها بطيء. علينا جميعاً أن نعمل بجد ولإنجاح هذه العملية. إذ لا يجوز أن نخيب آمال أصدقائنا وحلفائنا الذين يعملون بجد على توحيد قوات البيشمركة.
وفي هذا الشأن، فإن رسالتي لأصدقائنا في التحالف هي أن نقول لهم: صحيح أن العملية تجري ببطء، لكننا نمتلك إرادة جادة لتحويل قوات البيشمركة إلى قوة وطنية كوردستانية، فتكون عندنا قوة واحدة ووزارة واحدة وقيادة واحدة للبيشمركة. وسوف نستمر ونعالج كافة المشاكل والعراقيل خطوة فخطوة، لحين الوصول بعون الله إلى النهاية المرجوة للعملية.
نحن حقيقة ملتزمون بوجود قوات بيشمركة موحدة. وأن تغدو جيشاً وطنياً تحت إدارة وسيطرة حكومة اقليم كوردستان ووزارة شؤون البيشمركة.
أيها الخريجون الأعزاء،
لا تنسوا أن الكلية العسكرية في زاخو، قد تولّت تربيتكم وإعدادكم، لتقوموا كقادة أكفاء إلى جانب حماية كوردستان بحماية العدالة والإنسانية. إن المبادىء والقيم الوطنية العليا، والتضحية والانضباط، هي المبادىء الرئيسة التي من الضروري أن تبقى دائماً في أذهانكم وفي قلوبكم، وتكون باستمرار شغلكم الشاغل.
بتلقيكم التدريس والتعليم والتربية في هذه الكلية العسكرية، وبدروس الوطنية والإخلاص لمهامكم ولأرضكم، بمقدوركم أن تلعبوا دوراً مهما ومميزاً، ليس في صفوف البيشمركة فحسب بل في المجتمع كله. بمقدوركم أن تكونوا نموذجاً ملهماً للأجيال القادمة ولمستقبل أفضل.
دوركم لا ينحصر في ميادين وساحات الحرب، بل يجب أن يكون واجبكم أرحب فيشمل بناء مجتمع مستقر وآمن. كذلك عليكم مسؤولية أخرى، وهي حماية قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، وأن تزيدوا في نشر أهمية هذه القيم داخل المجتمع. وأن تصبحوا نموذجا لحماية العدالة والتلاحم والدفاع عن حقوق كل مواطني إقليم كوردستان.
نحن جميعا نثق بكم وبأنكم قادرون على الوقوف بوجه التحديات والنجاح في مهامكم، لتقوموا بخدمة وطنكم بأفضل الصور. لتصبحوا القوة الوطنية لكوردستان في اطار وزارة شؤون البيشمركة. ولا تكونوا أبداً طرفاً في المشاكل والخصومات السياسية.
أيها الحضور الكريم،
في هذه المناسبة، أود أن أؤكد على موقف إقليم كوردستان بشأن الوضع المتأزم في الشرق الأوسط، وهو أننا مع إيقاف الحرب والحلول السلمية لكافة القضايا والمشاكل. نحن لا نريد أن يتورط العراق واقليم كوردستان بأي شكل من الأشكال في هذه الأزمات. يجب بذل كافة الجهود لمنع حدوث مزيد من التأزم في الوضع.
وفي الختام، أقدم شكري وتقديري الخاص للمدرسين والمسؤولين والمدراء في الكلية العسكرية الثانية بزاخو. إن عملهم وخدماتهم وتفانيهم موضع تقدير كبير. واجبهم مقدس ودورهم مهم جداً لتحسين وتطوير واجب ومهام البيشمركة، وإعداد جيل من حماة الوطن تربى على العلوم العسكرية والانتماء والحب للوطن.
الواجب الذي تؤدونه والخدمات التي تقدمونها، وتأسيس الكليات والأكاديميات العسكرية، خير تعبير عن الوفاء لنضال وتضحيات ودور البيشمركة التاريخي، وللتأكد من أن مستقبل البيشمركة سيكون أفضل.
التحية والتقدير والإجلال للأرواح الطاهرة لجميع الشهداء الذين ناضلوا وقدموا أرواحهم في سبيل كوردستان. تحية للشهداء الأحياء، لكافة الأبطال الذين أصيبوا خلال أداء واجب حماية كوردستان، ونقول لهم إننا ممتنون للخدمات التي قدمتموها ولنضالكم.
أتمنى لكم الموفقية أيها الطلبة الأعزاء، وأرجو لكم مستقبلاً مشرقاً، ومرة أخرى أبارك لكم بحرارة ومن القلب، وأرجو لكم النجاح في حياتكم.
شكراً جزيلاً