شارك فخامة رئيس إقليم كوردستان، السيد نيجيرفان بارزاني، مساء اليوم الاثنين، 17 تشرين الأول 2022، في مراسم تخرج الدورة السابعة والعشرين لجامعة دهوك، حيث وجّه فخامته كلمة للخريجين والحضور، تناول خلالها مواضيع التعليم والتربية.
وإلى جانب تقديم فخامة الرئيس نيجيرفان بارزاني التهاني للخريجين وتعبيره عن أمله في نجاحهم، أثنى فخامته على جهود أمهات وآباء وعوائل الخريجين وجهود أساتذة الجامعة، الذين ساهموا وساعدوا ودعموا الخريجين في نجاحهم، ودعا الخريجين إلى المضي باتجاه المرحلة الجديدة من حياتهم ومسؤولياتهم بقلوب مفعمة بالحماسة والأمل والتفاؤل، وأن يضعوا الخبرات والتخصصات التي نالوها في خدمة الوطن.
وشدد فخامة الرئيس نيجيرفان بارزاني على أنه رغم كون عدد الخريجين غير متوازن مع حاجة سوق العمل، ورغم أن الجميع لن يتمكنوا من العثور على عمل في وقت قصير، فلا ينبغي أن يفقد الخريجون الأمل، بل عليهم أن يعملوا باستمرار على تنمية مهاراتهم، وفي هذا السياق يستطيع قسم منهم الذهاب إلى العمل التطوعي في منظمات المجتمع المدني لتنمية أنفسهم بصورة أفضل وزيادة فرصهم في الحصول على عمل.
ودعا فخامته الخريجين أيضاً إلى نقل تجربتهم في التعايش والعمل الجماعي والشراكة والتشارك بينهم في سنوات الدراسة الجامعية، إلى المجتمع ومحلات عملهم، بحيث تنعكس هذه التجربة في حياتهم اليومية ليكونوا قادرين على تعميق وتوسيع ثقافة التسامح والتعايش وقبول الآخر.
وذكّر فخامته الخريجين بأنه لا ينبغي أبداً أن يظنوا بأنه بإكمالهم الدراسة الجامعية لم يعودوا بحاجة إلى السعي للتعلم، لأن التعلم وتوسيع مديات العلم والفهم الإنساني العالمي لا ينتهي أبداً وكلما علم المرء أكثر كلما أدرك أنه لا يزال هناك الكثير ليتعلمه، لذا يجب أن يعمل الخريجون باستمرار على رفع مستويات تعلمهم وخبراتهم، ويصبحوا منارة تضيء ما حولهم.
وأشار فخامة الرئيس نيجيرفان بارزاني إلى أن التقدم السريع للعلوم والتكنولوجيا جعل الحياة تتقدم سريعاً، وهذا يتطلب من الإنسان أن يتقدم بموازاة تطورات العصر ويحدّث نفسه. وقال فخامته: هذا واجبكم كأفراد، وقدر تعلق الأمر بالنظام التربوي والتعليمي فهذا واجب الجهات المعنية.
وفي هذا الصدد أكد فخامته على أن: هذا حاجة حياتية لنا، وكما قلناها من قبل، فإن مفتاح النجاح يتمثل في نظام تربوي جيد. لأن النظام التربوي الجيد هو وحده الذي يستطيع أن يضمن حاضرنا ويجعل مستقبلنا أكثر إشراقاً وأفضل، ويبني مجتمعاً متقدماً. وقال: المعرفة والعلم والتعلم، قوة لا تنضب، وهي القوة التي تحمي حاضرنا ومستقبلنا.
وجدد فخامة الرئيس نيجيرفان بارزاني التأكيد على أنه رغم التطورات فإن هناك الكثير من العمل الذي يجب إنجازه في كوردستان، ويجب علينا البناء في الكثير من المجالات المتنوعة، من بناء الإنسان وصناعة الإنسان وصولاً إلى الإفادة من كل خيرات البلد. كما رأى ضرورة إيلاء المزيد من الاهتمام بالتعليم المهني وفتح الإعداديات والمعاهد والكليات المهنية.
ولأجل خلق توازن بين سوق العمل ومجالات التعليم، أكد فخامته على عمل ثلاثي (الحكومة – السوق – الجامعة) معاً ويتعاون أركانه وينسقوا فيما بينهم. كما أكد على ضرورة الاستفادة من الثراء الطبيعي والبشري وتعزيز البنى التحتية الزراعية والسياحية والصناعية والاهتمام بالعمل والتجارة عبر الإنترنت.
وعدّ فخامته تعزيز البنية التحتية التربوية الخطوة الأولى لتحقيق أي تقدم، وأن هذا يأتي من خلال البحث والتقييم العلمي وتغيير وإصلاح النظام التربوي ليكون نظاماً ينتج الإنسان المفكر البناء والمبدع، وأن لا يتمثل التخرج في الجامعة في مجرد شهادة.
وفي ختام كلمته، وإضافة إلى تسليط فخامة الرئيس نيجيرفان بارزاني الضوء على تاريخ تأسيس الجامعة ومباركته وثنائه على الخدمات التي قدمتها جامعة دهوك على مدى ثلاثين سنة من عمرها، تحدث فخامته على الأوضاع السياسية للبلد وهنأ من جديد رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء المكلف، معبراً عن الأمل في أن تشكل في أقرب وقت حكومة تستجيب للمطالب المشروعة للمواطنين وأن تعمل أطراف ومكونات العراق كلها معاً من أجل أمن واستقرار البلد.
وأكد فخامته على أن على القوى والأطراف العراقية أن تعتبر وتستقي الدروس من أخطاء الماضي، وأن على الحكومة العراقية الجديدة أن تنظر لأوضاع البلد بواقعية ومثلما هي وأن تحل المشاكل، خاصة المشاكل مع إقليم كوردستان، التي عدّ حلها بمثابة المفتاح لأمن واستقرار العراق.
وأدناه نص كلمة فخامة الرئيس نيجيرفان بارزاني:
الأحبة الحضور
الخريجون الأعزاء
مساء الخير
أهلاً بكم جميعاً في هذه المراسم..
يسرني كثيراً أننا نشارك هذا المساء مع الخريجين الأعزاء في الدورة السابعة والعشرين لجامعة دهوك، وعوائلهم وذويهم، فرحتهم وسعادتهم. أتقدم من القلب وبحرارة بالتهاني للخريجين فرداً فرداً ولوالديهم وذويهم. أرجو الموفقية الدائمة للخريجين في كل مجالات الحياة.
أشد على أيدي رئيس وأساتذة وموظفي جامعة دهوك وأقدر جهودهم التي بذلوها مع الطلبة. كما أشد على أيدي والدي الخريجين، فقد تعاونوا وتجشموا العناء ليروا بناتهم وأبناءهم اليوم قد أكملوا الدراسة الجامعية بنجاح وهم على مشارف البدء بمرحلة أخرى من الحياة والمسؤوليات.
أيها الخريجون الأعزاء..
إنكم تنتقلون اليوم إلى مرحلة أخرى من مراحل الحياة. وستحملون على عواتقكم من اليوم مسؤولية العمل وخدمة البلد. سواء منكم الذين سيعملون في القطاع العام أو الخاص أو مع منظمات المجتمع المدني. لذلك فإن مسؤوليتكم ستتعاظم من اليوم فصاعداً.
بعد سنوات من الدراسة والسعي، عليكم اليوم أن تتخذوا خطواتكم باتجاه الحياة المقبلة والعمل بقلوب مفعمة بالحماسة والأمل والتفاؤل. وعليكم أن تشغّلوا العلوم والمهارات والتخصصات التي أحرزتموها في سنوات الدراسة الجامعية، بفعالية وانتظام لخدمة الشعب وإعمار وتطوير بلدكم.
صحيح أن عدد الخريجين ليس متوازناً مع حاجة سوق العمل، ولن يكون من السهل على جميع الخريجين الحصول على عمل. لكن الأهم من كل شيء هو أن لا تفقدوا الأمل. عليكم أن تسعوا لتطوير أنفسكم. وقد يستطيع بعضكم أن يعمل فترة متطوعاً في منظمة أو مؤسسة مجتمع مدني ويقوم بأعمال إنسانية، وهذا يثري نضجكم وخبرتكم ويزيد من فرصكم في الحصول على عمل.
أنتم الذين جئتم من أماكن ومناطق مختلفة من كوردستان واجتمعتم في الجامعة، خذوا معكم إلى المجتمع روح صداقتكم وتجاربكم في العمل معاً والتواجد معاً، وشراكتكم وتشارككم خلال سنوات الجامعة. خذوها معكم إلى مواقع العمل، ويجب أن تنعكس في حياتكم اليومية. يجب أن تعمّق تجربتكم هذه وتوسع ثقافة التسامح والتعايش وقبول الآخر في كوردستان، وبالأخص في محافظة دهوك الحبيبة.
أيها الخريجون الأعزاء..
لا تقولوا أبداً ولا تظنوا أنكم بإكمالكم المرحلة الجامعية، انتفت الحاجة إلى التعلم! كلا، فالتعلم وتوسيع آفاق العلم والمعرفة والرؤية الإنسانية العالمية لا نهاية لها! وكلما عرف المرء أكثر، يدرك بصورة أفضل أنه لا يزال أمامه الكثير ليعرفه. التعلم والعلم لا نهاية لهما! يجب رفع مستوى التعلم والعلم والمعرفة في كل يوم. يجب أن تصبحوا منارة تضيء ما حولكم، وتزيده ضياء.
التقدم السريع للعلوم والتكنولوجيا، جعل الحياة تتقدم بسرعة كبيرة. ومع التقدم الجديد للعصر، يجب على المرء أن يحدّث نفسه يومياً جنباً إلى جنب التقدم الحاصل. وإلا فإننا سنتخلف ولن نبلغ ركب الأمم المتقدمة في العالم! التغيير والتجدد وبلوغ ركب التقدم، واجبكم كأفراد، وواجب الجهات المعنية هو ما يتعلق الأمر بنظام التربية والتعليم. ليس هناك شيء يلزم شعبنا وبلدنا كما يلزمهما العلم والتعلم ونظام تربوي جيد ومتقدم!
هذه حاجة حياتية لنا. هي حاجة مهمة جداً لشعبنا، في حاضره وفي مستقبله. وكما قلنا من قبل: مفتاح النجاح هو نظام تربوي جيد. وعلى هذا الأساس، شهد إقليم كوردستان قبل هذا العديد من المساعي التي تستحق الثناء، والجهود التي بذلتها وزارة التربية في حكومة الإقليم، ووزارة التعليم العالي، ودولة رئيس الوزراء وكل حكومة الإقليم، هي بلا شك عملية يجب أن تستمر وتساير أحدث التطورات العالمية.
النظام التربوي الجيد والمتقدم هو وحده الكفيل بمساعدتنا على وجودنا الحالي ومستقبل مضمون أكثر إشراقاً لشعبنا. النظام التربوي الجيد والمتقدم هو وحده الذي يستطيع خلق مجتمع متقدم ومنفتح. العلم والمعرفة والتعلم قوة عظيمة لا تنضب. وهذه القوة هي التي تحمي حاضرنا ومستقبلنا.
أيها الحضور الكريم..
إلى جانب كل التقدم، لا يزال أمام إقليم كوردستان الكثير من العمل الذي يجب إنجازه. علينا أن نواصل العمل في الكثير من المجالات المتنوعة. بدءاً ببناء الإنسان ووصولاً إلى الاستفادة من كل الفرص والثراء الذي يتمتع به بلدنا.
من الضروري جداً أن يفتتح في بلدنا المزيد من الإعداديات والمعاهد والكليات المهنية والحرفية والأعمال اليدوية والمهارات، وبمستويات أفضل. لهذا يجب في نظامنا التربوي أن نولي اهتماماً خاصاً بسوق العمل وتحقيق التوازن بين مجال الدراسة وسوق العمل وحاجته واحتياجاته. ولتحقيق هذا لا بد من تعاون ثلاثي (الحكومة – السوق – الجامعة) معاً والتنسيق بينهم وإكمال بعضهم لبعضهم الآخر.
يتمتع بلدنا بالكثير من الثراء الطبيعي والبشري، وعلينا أن ننشئ الجيل الحالي والذي يليه بحسب الاحتياجات والفرص المتاحة. هناك فرص وإمكانيات لتعزيز البنى التحتية الزراعية والسياحية والصناعية في إقليم كوردستان. وعليكم أيضاً أن تهتموا بالعمل والتجارة عبر الإنترنت. ولهذا الغرض ولكل التطورات الأخرى، علينا قبل كل شيء وفي البداية أن نعمد إلى تعزيز البنية التحتية التربوية.
لا يجوز أن يكون التخرج في الجامعة مجرد شهادة! بل يجب أن تنتج جامعاتنا ونظامنا التربوي إنساناً مفكراً بناء ومبدعاً. وينبغي أن يخلق خريجو الجامعات بعلومهم ومعارفهم وتخصصاتهم فرص عمل لأنفسهم ولمحيطهم.
أيها الطلبة الأحبة والحضور الكرام..
من دواعي السرور أن نلمس اليوم في جامعة دهوك ثمار قرار صائب اتخذ قبل ثلاثين سنة. ففي العام 1992، كانت للسيد د. عصمت محمد خالد، وعدد من أساتذة دهوك الكرام، زيارة لفخامة الرئيس بارزاني، وطلبوا منه فتح جامعة في دهوك، وأبدى فخامته كل الدعم للفكرة فتأسست الجامعة.
واليوم أشد مرة أخرى على أيدي رئيس الجامعة والأساتذة الذين وضعوا الحجر الأساس لهذه الجامعة وأشكرهم، ففي تلك الأيام الصعبة وبإيمان راسخ وضعوا الحجر الأساس لهذه الجامعة التي نلمس اليوم جميعنا ثمارها بعد أن تأسست قبل ثلاثين سنة من الآن في دهوك. سلمت أيديكم جميعاً ووفّقتم.
سعيدون جداً بأننا اليوم وبعد ثلاثين سنة، نخرّج في الدورة السابعة والعشرين 4468 خريجاً من 19 كلية و66 قسماً متنوعاً. أشد على أيدي كل المخلصين الذين بلغوا بهذه الجامعة، من اليوم الأول وإلى اليوم، بجهودهم وسعيهم وكدهم، إلى هذه المرحلة أبارك لكم ولكل أهالي بهدينان عموماً.
منذ ثلاثين سنة وجامعة دهوك تخدم هذه المنطقة بصورة خاصة وإقليم كوردستان بصورة عامة. كانت ولا تزال توجد الفرصة للكثيرين من مناطق العراق الأخرى والدول المجاورة لإكمال دراستهم هنا. وقدمت جامعة دهوك للمجتمع الآلاف من الكوادر والخبراء في مجالات عديدة، وهؤلاء يقدمون خدماتهم اليوم. وهنا فإن الدور الرفيع لأساتذة الجامعة هو موضع تقدير واحترام، فواجباتهم ومسؤولياتهم عظيمة للغاية، أشد على أيديهم مرة أخرى وأتقدم بالتهاني الحارة لهم جميعاً وأشكر كل الموجودين هنا اليوم.
أيها الحضور الكريم..
قبل أيام، دخلت العملية السياسية في العراق مرحلة جديدة بانتخاب الرئيس الجديد لجمهورية العراق الاتحادية فخامة د. عبداللطيف رشيد، وتكليف السيد محمد شياع السوداني بتشكيل الحكومة الاتحادية الجديدة. نبارك مرة أخرى لرئيس الجمهورية ورئيس الوزراء المكلف ونرجو لهما الموفقية.
وأنتهز هذه الفرصة لأؤكد من جديد على أنه على القوى والأطراف السياسية العراقية أن تستقي العبر والدروس من الأخطاء السابقة! ولتحقيق الأمان والاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي في العراق، على كل قوى ومكونات العراق أن تتعاون وتنسق فيما بينها وتعمل معاً. نرجو أن تتشكل الحكومة الاتحادية العراقية الجديدة في أقرب وقت وتستجيب للمطالب المشروعة لشعب العراق.
على الحكومة العراقية الجديدة أن ترى واقع العراق كما هو، وتحل مشاكل وأزمات البلد. وعلى وجه الخصوص، يجب حل المشاكل والخلافات مع حكومة إقليم كوردستان، فنحن نعتقد أن مفتاح الأمان والاستقرار في العراق يتمثل في حل المشاكل والخلافات مع إقليم كوردستان على أساس الدستور الاتحادي العراقي.
نحن نأمل أن تكون المرحلة القادمة هي مرحلة حل مشاكل العراق وعودة الأمان والاستقرار السياسي إلى البلد. ولهذا فإن إقليم كوردستان ككل المرات سيتعاون ويساند كل الحلول على أساس الدستور العراقي.
ختاماً، نحن نأمل وكلنا ثقة بأنه بوجود هذا الشباب المخلص والوفي لبلده، وهذه العلوم والمكاسب التي حصلوا عليها، والخدمات التي سيباشرون بتقديمها من اليوم فلاحقاً، سيكون كوردستان أكثر تقدماً وأمناً وأماناً وسيكون هناك مستقبل أكثر إشراقاً بانتظار الكوردستانيين. كوردستان الذي سيتولى إدارته في المستقبل هؤلاء الشباب، سيكون أفضل وأكثر عمراناً وأقوى بعون الله، أرجو لهم طول العمر والنجاح في هذا السبيل.
هذه هدية آبائكم وأجدادكم، فبالأمس كرس آباؤكم وأجدادكم المناضلون كل حياتهم للكفاح وفي صفوف البيشمركة، وبجهودهم وصمودهم أوجدوا لنا هذا اليوم الذي أصبحتم فيه أحراراً وأكملتم دراستكم وطورتم أنفسكم.أحبوا بلدكم، وعمّروه واحموه.
أبارك لكم تخرجكم وللطلبة الجدد ورودهم هذه الجامعة والبدء بالدراسة فيها.
دمتم وسعدتم ودامت نجاحاتكم.
وقتاً طيباً لكم جميعاً، ومرة أخرى أبارك هذا النجاح لكم جميعاً، ودامت كوردستان عامرة.
أهلاً بكم وسهلاً.