Presidency of the Kurdistan Region of Iraq

الرئيس نيجيرفان بارزاني: علينا أن نقر بالواقع السياسي

2024-10-30T20:10:00.000000Z
العلاقات الدولية الحكومة التربية والتعليم مقابلات تقارير


شارك فخامة السيد نيجيرفان بارزاني رئيس إقليم كوردستان، مساء اليوم (الأربعاء، 30 تشرين الأول 2024) في جلسة حوارية بالملتقى السنوي لمعهد الشرق الأوسط للدراسات (ميري) والتي حضرها عدد من المسؤولين الحكوميين والحزبيين وممثلي الدول الأجنبية والأساتذة الجامعيين والشخصيات المحلية والخارجية.


وفي بداية الجلسة الحوارية، أجاب فخامته على سؤال عن مساعيه التي بذلها من أجل إجراء انتخابات الدورة السادسة لبرلمان كوردستان وأهمية الانتخابات، قائلاً:

"يسعدني أن ألتقيكم من جديد في ملتقى ميري، فأهلاً بكم. مسألة الانتخابات كانت مسألة مهمة لإقليم كوردستان. فالانتخابات كما تعلمون هي مصدر الشرعية لسلطات إقليم كوردستان، وكان تأخيرها يلحق بحق ضرراً كبيراً بإقليم كوردستان. لا شك أنه من خلال مجهود كبير وبالتعاون مع بغداد، ومن هنا أشير إلى أنهم في بغداد كانوا حقاً عوناً كبيراً، ودولة رئيس الوزراء السيد السوداني شخصياً، ورئيس السلطة القضائية السيد فائق زيدان، ورئيس المحكمة الاتحادية السيد جاسم محمد عبود، وكذلك مجلس النواب العراقي، كلهم بصورة عامة كانوا عوناً، ومن الجدير هنا أن أوجه الشكر الخاص لمفوضية الانتخابات العراقية التي أنجزت المهمة بمهنية وحياد كبيرين في الواقع.

الانتخابات مهمة لأنها تمنح شرعية السلطة لكل من يفوز في الانتخابات، وإقليم كوردستان في إطار العراق اختار هذا النموذج والعراق أيضاً اختار هذا النموذج، المتمثل في مسألة الديمقراطية ومسألة البت في موضوع السلطة من خلال صناديق الاقتراع.

لهذا كانت هذه الانتخابات مهمة لإقليم كوردستان، ومن الجدير بأن أقول هنا، إن الفائز الأكبر في هذه الانتخابات كان شعب كوردستان والعراق، هذا ما أراه أنا. فليس بهيّن أن يشارك حوالى 72% من الشعب في هذه الانتخابات. ولا شك في ان تحدث عوائق بسيطة كما تحدث في أي حملة انتخابية، في كل العالم عندما تكون هناك حملات انتخابية من الممكن أن تقع مشاكل، لكن لو نظروا بصورة عامة، وقارنوها مع الانتخابات الأخرى، لحسن الحظ نجد أن العملية الديمقراطية في كوردستان تنمو بصورة جيدة وعلى المسار الصحيح. أنا لا أدعي أن كل شيء كامل ولا توجد أي مشاكل، لكن شعب كوردستان أثبت من خلال عملية ديمقراطية أنه يستحق أن يقدم له أكثر من هذا. إن هذا الشعب يستحق الشكر. تصوروا حزبين متنافسين يجريان حملة انتخابية كبيرة كل لصالح حزبه، في مكانين من أربيل وفي آن واحد وساعة واحدة، ولم تقع أي مشاكل. هذا يدل على أن شعبنا بلغ مستوى من الوعي يعتقد معه بأن حل الخلافات يكون باتباع أسلوب ديمقراطي. لقد تطور كثيراً، من الجدير هنا أن أبارك لكل شعب كوردستان على هذه الانتخابات التي كانت ناجحة جداً بكل المعايير."


وفيما يخص شكاوى بعض الأحزاب المعارضة من العملية ونتائج التصويت، بينما وصفت الانتخابات من جانب بعثة يونامي وأطراف دولية أخرى بأنها كانت نزيهة، وكذلك عن عدم انتهاء روحية الحملة الانتخابية والمخاوف من عقبات قد تعترض سبيل تشكيل الحكومة الجديدة لإقليم كوردستان، ودور فخامته في هذا السياق، قال فخامة الرئيس نيجيرفان بارزاني:


"لقد انتصر شعب كوردستان في هذه العملية، والذين في المعارضة هم جزء من الشعب ومن القوى السياسية الموجودة اليوم في إقليم كوردستان. لقد أجرينا الانتخابات وقد انتهت، ولا يمكن أن نظل في أجواء الانتخابات والتحدث ضد بعضنا البعض. علينا أن نعمل معاً، القادم الذي أمامنا أكبر بكثير من الذي مضى. المعارضة يمكن أن تمارس دورها في البرلمان، إن كانت هناك معارضة، ووجود المعارضة في أي نظام سياسي يمكن أن يكون مساعداً في مراقبة الحكومة وأداء الحكومة. هكذا ننظر نحن للأمر: بعض هذه الأحزاب ينضم إلى السلطة

، وبعضها يبقى كمعارضة في البرلمان. لكن هؤلاء ليسوا بأعداء لبعضهم البعض، ليس الذي في السلطة عدواً للمعارضة ولا المعارضة عدوة للسلطة. المسألة ليست عداوة، بل هناك منافسة سياسية، لكننا لسنا متعادين، والأمر طبيعي جداً.


أنا أرى أن القوى السياسية جميعاً في كوردستان تواجه اختباراً عظيماً، فقد شارك 72% من شعب كوردستان في الانتخابات، وهذه رسالة، وأي رسالة؟ رسالة تقول لنا وللقوى السياسية: "لقد منحناكم الثقة، وعليكم أن تكونوا أهلاً للثقة التي منحناكم إياها وفي مستوى تطلعاتها". على القوى السياسية التي لم تخرج بعد من أجواء الانتخابات أن تدرك أن الانتخابات قد انتهت، وقد قلنا ما عندنا، وكل سعى سعيه من خلال الحملة الانتخابية لكسب الناس، والناس صوتت للأطراف التي أرادتها، وتتنظر... لقد انتهت تلك المرحلة! بقاؤنا في هذه الحال خسارة لنا، لماذا هو خسارة؟ خسارة لأن هناك تطورات كبيرة تكاد أن تحصل في المنطقة، ولا يعقل أن نخيّب أمل شعبنا مرة أخرى. يجب أن نسعى لتشكيل حكومة في أقرب وقت، ولا أدري كم سيكون هذا الوقت القريب، لكن علينا أن نعمل على تشكيل حكومة في أقرب وقت، وأن تبدأ الأطراف محادثاتها فيما بينها، وهذه هي العملية في حد ذاتها.

صباح اليوم، أعلنت المفوضية نتائج الانتخابات رسمياً، وبعد هذا هناك عمليات أخرى. الشكاوى والطعون وما إلى ذلك.. مع احترامي للأطراف التي تتحدث عن بعض المشاكل، فإنني أعتقد أنها كانت واحدة من أنزه الانتخابات التي جرت حتى الآن في إقليم كوردستان، وا

لآن هو الوقت الذي يجب أن تجلس الأطراف السياسية مع بعضها البعض بقلوب صافية. بالتأكيد هناك إجراءات بروتوكولية، فبعد النظر في الطعون، يقضي القانون بأن يدعو رئيس الإقليم لعقد الجلسة البرلمانية، وسننجز هذه العملية كلها. إلى جانب هذا، أنا أعتقد أن القوى السياسية بدأت من الآن بالحوار مع بعضها البعض. لا أعرف كيف سيكون شكل التحالف بالضبط، لكن الأرقام معروفة: من يمكن أن يتحدث إلى من، ومن له القدرة على فعل ماذا. إنها المقاعد والأعداد، ليس عندك غير هذا، ووفقاً لهذه الأرقام يجب أن تكون الحكومة ائتلافية. أما كيف سيشكل هذا الائتلاف؟ فأعتقد أن على القوى السياسية أن تركز بالدرجة الكبرى على هذه النقطة، فما من قوة في كوردستان لديها عدد المقاعد الذي يؤهلها لفعل ذلك لوحدها. من المؤكد أن عليها السعي مع القوى الأخرى لتشكيل تحالف. الذي يهم هو وجوب تشكيل حكومة في أقرب وقت، لتكون الحكومة التي يتوقعها شعب كوردستان بمكوناته كافة، وهذا مهم اليوم لكوردستان، ومهم لمكانة إقليم كوردستان في بغداد."


وعن المخاوف التي يجري تداولها في الإعلام والحوارات السياسية التي تناقض تفاؤل فخامته، وخاصة الحديث عن أن الاتحاد الوطني الكوردستاني والحزب الديمقراطي الكوردستاني لن يتنازل أحدهما للآخر، وفي كثير من الأحيان جرى اللجوء إلى المؤسسات القانونية في بغداد، وعن دور رئاسة الإقليم وبالأخص فخامة رئيس إقليم كوردستان في المرحلة المقبلة، قال فخامته:


"لو نظرنا إلى العملية، أمعنوا النظر في الانتخابات، كم مرة أجلنا الانتخابات؟ أظن ثلاثاً أو أربع، أربع مرات، لكن بالنتيجة كان يجري الحديث عن نفس الشيء، كانوا يقولون إن الانتخابات لن تجرى لأن الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني لا يسمحان بإجرائها، وها قد أجريت الانتخابات. كانوا يقولون إن المشاكل ستحدث إذا أجريت الانتخابات، وإن مشكلة كبرى ستقع، لكن جرت الحملة الانتخابية ولم تقع تلك المشكلة، لقد تجاوزنا تلك المرحلة. أما عن مسألة الإدارتين، فقد سبق أن قلت في أحاديث سابقة إننا لن ننقسم إلى إدارتين، وإلا سنكون صفراً من الإدارات. أي أننا لن ننقسم إلى إدارتين. أي إدارتين تلك؟ إن لإقليم كوردستان إطاراً دستورياً، وإقليم كوردستان يؤطر له الدستور الذي صوت لصالحه نحو 80% من شعب العراق، هو كيان سياسي في إطار العراق وبموجب الدستور العراقي. إجراءات تشكيل إقليم واضحة في الدستور الذي يصف كيفية تشكيله. ما أشرتم إليه في موضوع السقف، أعتقد أن هذا هو أوانه، لماذا؟ أجرينا انتخابات ناجحة، كانت ناجحة للغاية، مسألة شرعية مؤسسات إقليم كوردستان طرأ عليها التغيير حالياً وهناك تغيير في الداخل والخارج. أعتقد أن هذه هي الانتخابات الأهم في إقليم كوردستان منذ العام 1991، لقد آن الأوان بعد كل تلك المشاكل التي حدثت، سواء أكان في المحكمة الاتحادية والأمر الذي أشرتم إليه، حل البرلمان أو أي شيء، لقد آن الأوان لنبدأ بالبحث عن نموذج جديد جيد للطريقة التي يمكننا من خلالها حل مشاكلنا مع بغداد. لكن كيف تُحل تلك المشاكل؟ لحل تلك المشاكل، يجب أولاً أن تقوم بترتيب بيتك من الداخل وتعرف ما الذي تريده، وأن تكون عندك حكومة، وتكون حكومة فعالة، تكون عندك حكومة قوية، قوية بمعنى أن تكون قادرة على الاستجابة لمطالب الشعب، قوية بهذا المعنى. يجب أن تعمل على العثور على طرق للتفاهم وطرق لحل المشاكل مع بغداد. دعني أكون صريحاً بشأن هذا الموضوع، تعامل بغداد مع إقليم كوردستان ليس تعاملاً اتحادياً، ليس اتحادياً أبداً، بل هو مركزي غاية في المركزية. كنظام، يوجد عندنا في العراق شيء، أي أننا نسمي النظام بالاتحادي، لكنه في الحقيقة والمضمون يمكن أن يكون أي شيء إلا فدرالياً.


مؤكد أني تحدثت بهذا مع بغداد وباستمرار، وهو ليس شيئاً أقوله هنا فقط. تحدثت بمنتهى الصراحة مع إخواننا في بغداد، ومع جميع الأطراف السياسية ببغداد. قلت إننا إن أردنا عراقاً ينعم بالمصالحة مع شعبه ويكون في وضع آمن سياسياً، فإن مفتاح الحل هو حل المشاكل مع إقليم كوردستان. كان كل خطابنا منذ العام 2003 وفي الجانبين، ينصب على أن الحكم هو الدستور، لكن في الحقيقة لا نرى أن الأمور تجري بهذه الصورة. من المؤكد أنني لا ألقي باللائمة على بغداد وحدها، بل أقصد بكلامي إقليم كوردستان أيضاً. إلا أني أعتقد أن هذه الانتخابات هيأت فرصة كبرى، هيأت فرصة جديدة لنتوصل مع بغداد إلى حل يكون موضع قبول من إقليم كوردستان ومن بغداد ويعود بالخير على كل العراق. هذه الانتخابات مهمة ويجب أن نشكل حكومة فعالة وقوية في أقرب وقت، ونبدأ الحوار مع بغداد بشأن كل المشاكل القائمة الآن. مسألة الموازنة، ومسألة المادة 140، والمشاكل لا تقتصر على هذين وحدهما، بل هناك مشاكل أخرى كثيرة.

في العام 2003، شارك الكورد في العملية السياسية بالعراق على أمل أن يصبح العراق عراقاً ديمقراطياً اتحادياً. فقبل 2003 كانت لدينا نفس الأوضاع الحالية، لم تكن تختلف كثيراً، لكننا ذهبنا يحدونا هذا الأمل وشاركنا في العملية السياسية وبصورة فعالة جداً، لكي يستتب هذا النظام. السؤال اليوم هو: إلى أين؟ إلى متى سنظل ننادي الدستور الدستور الدستور، ولا نجد حتى الآن خطوة باتجاه تطبيق الدستور. أقول في مرات عدة، إن أكبر مساعدة تقدمها دول الخارج، أوروبا وأمريكا، لكوردستان والعراق هو شيء واحد، أن تساعدنا على تنفيذ الدستور العراقي في بغداد. هذه هي رؤيتي، وقد أخبرت بها إخوتي في بغداد، إنهم يقولون إنكم في إقليم كوردستان لا تكترثون لبغداد والصلاحيات التي منحتموها لأنفسكم ليست اتحادية بل هي أكثر مما في النظام الاتحادي. هذه هي نظرتهم للإقليم، ويقولون إن الصلاحيات التي منحتموها لأنفسكم تتجاوز النظام الكونفدرالي أيضاً. أما نحن في أربيل كيف ننظر إلى بغداد؟ نحن نقول لهم إن طريقة تعاملكم ليست اتحادية، ليس هذا فحسب، بل هي أكثر مركزية من النظام المركزي! حسناً، أين هي النقطة الوسط بين هاتين النظرتين؟ أين نقطة الوسط التي يجب أن نحاول حل المشاكل فيها؟ بالنسبة لنا، ستراتيجية إقليم كوردستان واضحة ونريد حل مشاكل إقليم كوردستان في إطار العراق بموجب الدستور، هذا واضح. ثم أن ما وقع في الماضي قد وقع، ماذا حدث ومن الذي أخطأ وأين؟ أعتقد أننا في الجانبين مقصرون. من جانب إقليم كوردستان ومن جانب بغداد، وليس من جانب واحد بعينه. ليس الأمر أن ألقي باللوم كله على بغداد، أو يلقى اللوم كله على إقليم كوردستان، لكني أعتقد أنه بالنتيجة مستقبل هذا البلد، الذي هو العراق، يطالبنا بالعثور على نموذج نقبل به في الجانبين ونستطيع من خلاله العمل معاً. بدون حكومة قوية في إقليم كوردستان، وبدون أن تجلس الأطراف السياسية مع بعض، ومع البقاء في أجواء الحملات الانتخابية، هذا قد انتهى، أي الحملات الانتخابية، لقد انتهت. هذا الشعب ذهب وأدلى بصوته، واتضح عدد الأصوات التي فاز بها كل طرف، ومعلوم من منح أصواته لمن. يجب أن ينتهي هذا الموضوع. نحن لسنا أعداء بعضنا البعض، بل نحن متنافسون سياسياً، هناك مصير مشترك بين المعارضة والسلطة فنحن جميعاً في مركب واحد، ويجب أن يساعد أحدنا الآخر لتنجز هذه العملية في أقرب وقت إن شاء الله، عندما أقول في أقرب وقت، وسألتم حضرتكم ماذا ستفعل؟ أنا علي بعض المسؤولية، مسؤولية قانونية وأخلاقية، وبصفتي رئيس إقليم كوردستان سأمارس صلاحياتي، وسأسعى بجد لكي تتشكل الحكومة في أقرب وقت، وعلينا في جميع الأطراف أن ننظر نظرة واقعية إلى الأرقام. أن ننظر إلى المقاعد، وحالة الحكم السابقة في كوردستان، أعتقد أنه لا يمكن أن نستمر عليها. إنه عهد جديد ويجب أن نتصرف بطريقة مختلفة مع هذه المستجدات."


وعما إذا كان ممكناً تشكيل حكومة في إقليم كوردستان بدون الحزب الديمقراطي الكوردستاني أو بدون الاتحاد الوطني الكوردستاني، قال فخامته:


"كلا، عامل القوة في إقليم كوردستان معلوم، أما زيادة عدد من المقاعد أو نقصانها، فهذا بحث آخر، لكنني أشرت إلى ذلك بالنتيجة، وقلتها لك بمنتهى الدبلوماسية، لكنك تريد أن أقول المزيد، المشكلة هي هذه، وإلا فقد قلتها لك، قلت الأرقام، وقلت المقاعد، وقلت الأصوات، ولا أدري ماذا تريد بعد هذا، في الحقيقة لم أعد قادراً على التحدث أكثر."


وعن سياق ملف النفط وبغداد وكيف سيكون عند تشكيل الحكومة الجديدة بمشاركة الاتحاد الوطني الكوردستاني والحزب الديمقراطي الكوردستاني، قال فخامة الرئيس نيجيرفان بارزاني:


"سألتم حضرتكم، ما هي الأولوية في بغداد؟ صحيح أن مسألة الموازنة وقوت شعب كوردستان أولوية مهمة، ومهمة جداً، وإلى الآن اجتمع مع رئيس الوزراء والمحكمة الاتحادية ورئيس المحكمة مشكورين اجتماعاً ثلاثياً، بشأن هذا الموضوع، مسألة الرواتب. قلت لدولة رئيس الوزراء، السيد السوداني: أفضل الحلول هو أن يكون لنا اجتماع ثلاثي. نذهب نحن إلى رئيس المحكمة الاتحادية لقول شيء ونذهب إلى الأطراف الأخرى لقول شيء، دعونا نجلس، نجلس جميعنا معاً بعيداً عن الإعلام. ثم فعلنا ذلك، فعلنا ذلك بالضبط وفي اجتماع، ود. علي يعلم بهذا وهو موجود هنا، عقدنا اجتماعاً في بغداد، كان كل شيء صريحاً جداً، قرار المحكمة الاتحادية بشأن رواتب موظفي إقليم كوردستان كان واضحاً جداً، كذلك رئيس الوزراء أعرب بصراحة عن التزامه، وهو مشكور، أعتقد أن علينا أن نقول إنه بذل حتى الآن جهوداً جادة في هذا الإطار ولكي نحل تلك المشاكل. لقد بذل بنفسه جهوداً جادة بحق.


هناك أطراف ترى أن مسألة النفط مسألة سياسية، لكننا لم نتعامل قط مع النفط كمسألة سياسية، فهي ليست سياسية، كيف تكون سياسية؟ النفط مسألة اقتصادية. نحن لا نرى أن مسألة النفط سياسية، فلو نظرت بواقعية إلى جغرافيا كوردستان ستجد أنه ليس بإمكاننا أن نرى النفط كمسألة سياسية، بل هو سلعة تجارية، وهكذا نراه نحن. لقد سمحت لنا تركيا مشكورة بتصدير هذا النفط إلى الخارج. لم تجن تركيا أي أرباح من هذه الموضوع، بل كان مساعدة للعراق وإقليم كوردستان، نحن لم نبع النفط لتركيا، ولا تركيا مارست علينا أي ضغوط في أي وقت لنبيعها النفط. جرى بيع النفط للشركات العالمية. أنتم تعلمون أن هناك عدداً من شركات العالم تبتاع النفط. تم بيع النفط، الحالة القائمة الآن وهي أن النفط لا يتم تصديره عبر الأنبوب، المتضرر الأكبر فيها هو العراق، كل العراق. إن لم يكن الرقم الذي عندي خطأ، تعرض العراق حتى الآن إلى خسارة 15 مليار دولار على الأقل. بعد إغلاق الأنبوب الناقل لنفط إقليم كوردستان، ربما خسر العراق أكثر من 15 مليار دولار. فهل هذا معقول؟ لماذا لا تفكر بغداد في هذا؟ عندما يتحدثون عن الأمر، يقولون إن صيغة عقود إقليم كوردستان تختلف عن تلك التي للعراق. عقودنا هي عقود شراكة، وعلى الشركات أن ترضى بما تحصل عليه، أما الذي في العراق فهو في الغالب عقود خدمية، وفي بعض الأماكن هي كالتي عندنا، مثلاً في مكان كالقيارة، خصصوا لإنتاج البرميل الواحد 26 أو 27 دولاراً. فلماذا عندما تطلب الشركات العاملة في إقليم كوردستان عشرين دولاراً يتعطل الأمر لهذا السبب. الآن أنتهز فرصة هذه الجلسة الكريمة لأدعو من خلالها بغداد إلى التفكير في هذا الموضوع بطريقة عقلانية وصحيحة، بطريقة اقتصادية لا سياسية. أن تفكر اقتصادياً أين لحقت الخسارة بالعراق وأين يفوز العراق بمكاسب؟ عليها أن تنظر إلى الموضوع بهذه الطريقة. أنا أرى أن الحل الصحيح هو أن يتم من جديد تصدير نفط إقليم كوردستان بصفته نفطاً عراقياً عبر الأنبوب. ليس لدى تركيا مشكلة، المشكلة ليست تركيا، بل المشكلة الآن في بغداد، وفي البرلمان. من هنا أكرر القول إن المتضرر الأكبر في هذه العملية هو العراق، ويجب حل هذا."


ولدى إجابته على سؤال عن الأوضاع الإقليمية وآثارها الإيجابية والسلبية على إقليم كوردستان، وعن الحوار بين أمريكا والعراق بشأن إنهاء تواجد قواتها في العراق ورأي فخامته في هذا الموضوع، قال فخامة رئيس إقليم كوردستان:


"بخصوص السؤال الأول، هناك في الواقع حرب كبرى في المنطقة، لكن المهم لكوردستان وبالتنسيق مع بغداد، هو أن نعمل على عدم انجرار العراق إلى هذه الفتنة لأن العراق أصلاً لديه الكثير من المشاكل، ووضع العراق وضع من نوع خاص، وبالنسبة لنا في إقليم كوردستان وكجزء من العراق، فإن الأهم هو أن لا ننزلق إلى الفتنة القائمة اليوم في هذه المنطقة، تكمن مصلحة العراق وإقليم كوردستان في هذا الإطار."


مدير الجلسة: هناك بعض الفصائل التي تسعى لاستدراج الحرب إلى العراق باستخدام القانصات والمسيرات، ولا يوجد من يمنعها كما يجب..


"هذا صحيح، لكن أنظر! هذه الفصائل التي أشرتم إليها، كم كان عددها سابقاً؟ كانت 12 فصيلاً والآن هي اثنان. أي أننا في العراق حققنا تقدماً في هذا المجال أيضاً. في السابق، كان هناك نحو 12 فصيلاً مسلحاً يفعل هذا، والآن قلتم اثنان، من هذه الـ12 فصيلاً بقي الآن فصيلان أو ثلاثة يتصرفون هذه التصرفات، لكن السؤال هو: هل يصب هذا في مصلحة العراق؟ رأينا نحن في إقليم كوردستان هو أن هذا ليس من مصلحة العراق بأي شكل من الأشكال، ويجب أن يظل العراق بعيداً ويتجنب النار المشتعلة حالياً في المنطقة، لأن أوضاع العراق لا تسمح بذلك، ومؤسسات العراق ليست قوية إلى هذه الدرجة. العراق لا يزال في مرحلة انتقالية، يتساءل البعض كيف يمكن أن يظل العراق في مرحلة انتقالية منذ 2003؟ أجل، لكن عملية مأسسة البلد عملية حقيقية! لا يمكن أن تجري بالإكراه، ولا تتم في يوم وليلة! علينا أن ننجزها بأنفسنا، فهي لن تنجز عنا، لكن لنجر مقارنة بشأن أوضاع العراق، هل الوضع الأمني للعراق هو نفسه الذي كان قبل ست سنوات؟ لله الحمد، لقد أجري تغيير كبير في هذا السياق، ليس من مصلحة العراق أبداً أن ينجرّ إلى هذه الفتنة. أنا أعتقد أن هذا هو واجب رئيس الوزراء العراقي بصفته القائد العام للقوات المسلحة (لكن لا ينبغي أن يكون وحده) يجب أن تهب القوى السياسية جميعاً لمساعدة رئيس الوزراء في رفض وضع العراق في موضع تأتيه فيه هذه الفتنة. يجب أن نساعد رئيس الوزراء وأن تقف القوى السياسية جميعاً مع رئيس الوزراء، فما نراه هو أن رئيس الوزراء بموجب مسؤوليته كقائد عام للقوات المسلحة يسعى كل سعي لإبعاد العراق عن هذا الموضوع.


بخصوص مسألة التحالف! دعني أبدأ بهذا، التحالف الدولي بقيادة أمريكا قدم مساعدة كبيرة للعراق في مواجهة الإرهاب، ومن اللائق أن ننظر شاكرين لقوات التحالف الدولي التي ساعدت العراق وبضمنه إقليم كوردستان في الأيام الصعبة. عندما جاءت هذه القوات، جاءت بطلب من العراق ولم تفرض نفسها فرضاً، دعاها العراق بصورة رسمية لمساعدة العراق في التصدي للإرهاب وساعدت العراق كثيراً. اليوم، مضت عشر سنوات منذ 2014، ومن الطبيعي جداً أن يقوم العراق بمراجعة ويتساءل بصفته دولة ذات سيادة ما الذي نحتاج إليه في هذه المرحلة؟ مما لا شك فيه أن وضع العراق ليس نفس وضعه في 2014 بل هو أفضل، أفضل أمنياً وأفضل اقتصادياً، والحمد لله لا نرى مشاكل أمنية في بغداد ونرى فيها الكثير الكثير من الفنادق والمطاعم والمشاريع وما إلى ذلك. هذا تقدم كبير للعراق، ومن حق العراق كدولة ذات سيادة أن يتساءل بهذا الخصوص ويقيم هذه السنوات، ويقول: إلى أين نحن ماضون الآن؟ هذا طبيعي.


ما يمكن أن نراه نحن في إقليم كوردستان بصورة مختلفة، هو نقطة رئيسة، وهي أننا نرى أن داعش لم ينته. مع احترامي للفكرة التي في بغداد، ونرجو أن نكون مخطئين، لكن تقييمنا يخبرنا بهذا: داعش لا يزال مصدر تهديد لأمن العراق وللإقليم. عندما هاجم داعش العراق في 2014، لم يقل هذا سني وهذا شيعي أو هذا كوردي! كنا جميعاً متهمين بتهمة واحدة وهي كوننا عراقيين، جاء وفعل ما فعل. في الجبهات امتزجت دماء الجميع، البيشمركة والجندي العراقي والمقاتل في الحشد، هؤلاء استشهدوا معاً في سبيل الدفاع عن العراق، لم يكن هناك تمييز في هذا الموضوع. نعتقد أن العراق لا يزال بحاجة إلى الدعم والمساندة الخارجية، وخاصة من أمريكا التي قادت هذا التحالف، لكن ما يرغبه العراق الآن هو أن يكون من جانبين، وأعتقد أن هذا طبيعي، أي أن تكون العلاقة ثنائية ويحسب لكل شيء على هذا الأساس. قدر تعلق الأمر بإقليم كوردستان، نحن في إقليم كوردستان لم نذهب ونطلب من أمريكا ونقول لها تعالي إلى أربيل بعد العام 2026، القرار يأتي في إطار التفاهم الذي يحصل مع العراق. حسب الحوار الستراتيجي القائم حالياً بين أمريكا والعراق، إقليم كوردستان جزء من هذه العملية. الأمر ليس أن إقليم كوردستان يتحدث من جانب واحد عن بقاء القوات الأمريكية، كعراق وكدولة ذات سيادة، يتصرف إقليم كوردستان في إطار الحوار القائم الآن. ما يهم هو أنه يجب أن تكون صيغة بقاء هذه القوات واضحة، وبأي صورة ستبقى؟ يجب أن تكون مهامها وأعمالها معلومة، هذه المحادثات لم تبدأ بعد، لكنها موضع اهتمام جاد من إقليم كوردستان، وكل الأمور نقررها نحن ضمن إطار العراق، ونحن نتصرف داخل هذا الإطار، ولا يتصرف إقليم كوردستان بصورة منفصلة مع أمريكا أو مع التحالف الدولي. سنكون داخل إطار العراق، ونتحدث مع العراق ومع بغداد ومع القوى السياسية العراقية جميعاً عن مخاوفنا بوضوح وصراحة، وأي قرار يجب أن يتخذ ضمن إطار العراق والقوى السياسية العراقية."


وعن ما يشاع بشأن أن قوات التحالف التي ستأتي إلى إقليم كوردستان في العام 2026 تمثل فرصة أم خطراً، قال فخامة الرئيس نيجيرفان بارزاني:


"الأهم هو ما هي مهمة هذه القوات؟ ما نراه نحن هو أن مهمتها مساعدة العراق في مواجهة داعش، إن نظرنا إلى الأمر ضمن إطار العراق. نحن لا ترى في ذلك خطراً، لكن يجب أن يكون هنالك المزيد من الوضوح في هذا الموضوع."


بعدها تحدث فخامة رئيس إقليم كوردستان عن رسالته إلى شباب كوردستان في هذه الظروف الحساسة، وعن كيفية الاستماع إلى أصواتهم، وقال:


"بداية، أهنئك بتوليك رئاسة الجامعة الأمريكية وأرجو لك الموفقية. من خلال معرفتي لك منذ سنوات، أنا واثق من قدرتك على إنجاز مهامك بصورة جيدة. أقول لهؤلاء الشباب، إن آباءنا وأجدادنا، لو أنك اليوم طرقت أي باب في كوردستان لوجدت قصة يمكن أن تروى لنا عن النوائب والمآسي والأنفال والاعتقالات. شعب كوردستان عموماً، نال كل منهم حصته من المشاكل قليلة كانت أم كثيرة. لقد أدى هؤلاء ما عليهم لنبلغ نحن هذا اليوم، لقد ضحوا وناضلوا وتعبوا وقدموا الشهداء. من المهم جداً أن يعرف هؤلاء الشباب أمراً، وهو أن الذي ننعم به اليوم جاء بفضل كفاح الجيل الذي سبق. لقد ناضلوا وقدموا التضحيات لنشهد نحن هذا اليوم. اليوم، تغيرت الأوضاع في العالم وليس فقط في إقليم كوردستان. من المؤكد أن العملية التربوية هي المفتاح. أنظروا إلى البلدان، الدول التي اتخذت من التربية أولوية ووضعتها في مقدمة أعمالها، تطورت كثيراً، لأن المفتاح لأي تغيير في أي مجتمع يبدأ حسب رأيي من التربية. لدينا العديد من النماذج وكوريا واحدة من هذه النماذج، سنغافورة واحدة من هذه النماذج. زرت كوريا عدة مرات، وتساءلت: كيف تحقق هذا التقدم؟ كانوا يجيبون قائلين: نحن بدأنا من التربية. فهم لا نفط عندهم ولا غاز ولا أياً من ذلك، لكنهم ركزوا على التربية، ومن دولة فقيرة جداً أصبحوا الآن دولة متقدمة جداً. يجب أن لا يفقد هؤلاء الشباب الأمل، وأول ما عليهم هو أن يحبوا بلدهم، أن تجري تربيتهم بحيث يحبون بلدهم، أن يكون لهم كشباب حضور في التجربة التي أمامنا لأن المستقبل في كل الأحوال هو في يد هؤلاء الشباب، شئنا ذلك أم أبينا. المستقبل في أيديهم، وكل بلد وكل شعب استطاع أن يجتذب شبابه نحو هذه العملية السياسية، فإنه بلد يستطيع التقدم. لدينا شباب غاية في الكفاءة، وأنا أتابع مسألة دراستهم، أرى كثيرين منهم غير مقتدرين مالياً، لكنهم أكفاء. لكني أساعدهم في الحصول على زمالات للدراسة في الخارج. أرى فسحة كبيرة للغاية في كوردستان وأن شبابنا أكفاء جداً. رسالتي هي، وأقولها من منطلق مسؤوليتي أيضاً: صبوا تركيزكم على الدراسة وأحبوا بلدكم وعمروه وأصلحوه، والأخطاء القائمة يجب أن يصححوها، إن أمل مستقبل هذا الشعب، وعندما يقصدون بلاداً أخرى للعيش فيها ويقولون ما لنا وما لما يجري في هذا البلد، فإن هذا أسوأ ما يحل بأي شعب. يجب أن يشاركوا وأن يكون حب البلد فوق كل شيء. أقصد أن تجري تربيتهم بهذه الصورة، وعلى حضرتكم ممارسة هذا الدور في الجامعة، أن يحبوا بلدهم ويعملوا بجد من أجل تطوير بلدهم. الأهم من كل ذلك هو أن مسألة التعايش في هذا الإقليم عظيمة جداً. جاء داعش في 2014، كنت في دهوك حين فتح المسلمون أبواب الجوامع في وجه إخوانهم المسيحيين والإيزديين. هذه لوحة جميلة للغاية ولا ينبغي لأي سبب وتحت أي عنوان، السماح بإفساد هذا التعايش وقبول الآخر في إقليم كوردستان الذي يفاخر به باستمرار، وفاخر به في الماضي ويفاخر به في الحاضر والمستقبل. عندما أقدم النظام السابق على تدمير وهدم قُرانا لم يسأل أي القرى مسيحية أو إيزدية أو مسلمة أو شيعية أو سنية، بل دمرها جميعاً، ما حل بنا يجب أن يكون درساً لنا للمستقبل ولهذا الجيل الذي عندنا في التعايش وقبول الآخر والمواطنة. لا يشترط الانتماء السياسي لهذا الحزب أو ذاك، بل يجب احترام الجميع على أساس المواطنة مهما كانت أفكارهم السياسية، يجب احترامهم، أرجو أن يواصل هؤلاء الشباب السير في هذا المسار، وسيكون التوفيق حليفهم إن شاء الله."


بعد ذلك، ولدى إجابته على تساؤلات الحاضرين بخصوص دوره في إنجاح عملية السلام في تركيا ومدى جدية الحكومة التركية في هذا الاتجاه، وعن تقييمه للقضية الكوردية في إطار التغييرات التي تشهدها المنطقة، قال فخامة الرئيس نيجيرفان بارزاني:


"سأبدأ بمسألة السلام في تركيا، أولاً لو نظرنا إلى المسألة نظرة واقعية، سنجد أن تقدماً مشهوداً طرأ في المسألة الكوردية منذ تولي هذه الحكومة السلطة في تركيا. لا يمكن أن نقلل من شأن الأمور التي حدثت، فقد كان محالاً في الماضي أن تقول أنا كوردي، لكن توجد الآن قناة تلفزة كوردية، هناك أمور أنجزت ربما نجدها نحن في إقليم كوردستان بسيطة جداً لكنها كبيرة نسبة إلى أوضاع تركيا. في إقليم كوردستان، وفي 2011 وغيرها من السنوات بذلنا ما علينا من جهود، ويسعدنا الآن أن تبدأ عملية السلام في تركيا، وسيسرنا أن نشهد العملية وقد أثمرت، فالمسألة قضية شعب. في زيارتي الأخيرة لتركيا كان موقفنا واضحاً من هذا الموضوع، ويسعدنا أن تبدأ العملية بأي شكل كان، وأعتقد أن حل هذه المسألة لن يساعد تركيا وحدها بل سيساعد المنطقة بصورة عامة، لكن يجب منع الذين لا يريدون لهذه العملية أن تثمر. ما حدث في أنقرة، تلك العملية الإرهابية كانت تهدف للقضاء على هذا الخطاب في جميع الأحوال، على الأخبار التي كانت تتحدث عن أن هناك عملية وشيئاً ما، لكن تلك العملية تسببت في ضرر كبير وليس بقليل، تسببت في ضرر كبير جداً.


نأمل أن تكون عملية السلام جادة، نأمل ذلك، وما جرى حتى الآن في هذا المجال ليس بقليل، وقد سمعتم كيف تحدث زعيم حزب الشعب الجمهوري في البرلمان، واليوم كانت هناك كلمة فخامة رئيس الجمهورية، وهذه كلها مبعث ارتياح، أن نجد عملية وأن نرى المشاكل تحل. إن PKK يمثل مشكلة كبيرة ليس لتركيا وحدها بل لنا أيضاً، إذ أن PKK لا يحترم مؤسساتنا أي احترام ولا يحترمنا، أي أنه لا يكن أي احترام لمؤسسات الإقليم. يجب أن يتخلى PKK عن هذا إن كان حقاً يريد أن يساند حلاً سياسياً في تركيا، يجب أن يتخلى عن تصرفاته هذه التي يتصرفها الآن. عليه أن يتبع سياسة جديدة. فالمنطقة كلها تغيرت، وأنا أرى أن هناك فرصة لحل المشاكل من خلالها. ما تحدثتم به حضرتكم، المسألة الكوردية في إقليم كوردستان حيوية أكثر، ومختلفة في إيران، ومختلفة في تركيا، ومختلفة في سوريا، وليست مسألة أمنية، لكن ما الذي نسانده؟ نساند حل المشاكل في إطار تلك الدول، أن تتحقق حقوق الكورد في الدول التي يعيش فيها الكورد، سواء سوريا أو تركيا أو إيران. نحن نساند هذا ويسعدنا أن يتم حل المشاكل سلمياً، وتحل من خلال الحوار مع هذه الدول. نحن نعتقد أن موضوع حمل السلاح والعمليات العسكرية في هذه الدول لن تحل هذه المشاكل. بالنتيجة يجب أن يكون من خلال التآخي، وأن يحل الكورد مشاكلهم أينما كانوا في إطار هذه الدول."


وعن المشاكل العالقة بين أربيل وبغداد وهل أنها مرتبطة برئيس حكومة وبلد وتحالف ما، أم أنها جوهرية وأوسع من ذلك؟ قال الرئيس نيجيرفان بارزاني:


"أنا أرى أن المشكلة قد تكون في جزء منها بسبب عدم جلوسنا حتى الآن كما ينبغي لنعرف ما هي هذه المشاكل القائمة؟ كانت لي في بغداد محادثات صريحة جداً وواضحة مع الإطار التنسيقي، وجلست معهم ليلة جلسة مطولة، وجلست مع رئيس المحكمة الاتحادية. إن استمعتم حضرتكم لكلامهم ستقول لهم تعالوا إلى أربيل في أقرب وقت وتحدثوا إلى جامعاتنا، لأنهم كانوا يبدون أكثر حرصاً من على تطبيق الدستور. ما سمعته منهم عن النظام الاتحادي، نعجز نحن عن التحدث به مثلهم، وكذلك عن مسألة كيفية الحل، لكن المشكلة هي غياب طرف أو آلية، نحن في الجانبين مشغولون بأمور صغيرة وتاكتيكات يومية، وقد نسينا هذه الأمور الكبيرة. هذه الأمور الكبيرة التي ستؤدي بالنتيجة إلى استقرار سياسي عظيم في العراق يصب في مصلحة كل العراق. القضية الكوردية مسألة جدية في هذا البلد، دعوني أضرب مثلاً ذكرته في وقت سابق، في العام 1970 عندما وقع النظام على وثيقة مع المرحوم ملا مصطفى البارزاني، عرفت باتفاقية الحادي عشر من آذار، ولكن لأن النظام لم يكن مؤمناً بها، شن في العام 1974 حرباً بهدف القضاء على الثورة الكوردية، وعندما عجز عن القضاء على الثورة تنازل لشاه إيران عن نصف شط العرب. ثم شن حرباً دامت ثمانية أعوام على جمهورية إيران الإسلامية لاسترداد ذلك النصف. هذا التاريخ حدث بالأمس القريب، وتسبب في قتل مليون إنسان وتهجير الآلاف منهم، لكن لو أن السلطات في العراق أدركت منذ اليوم الأول أن القضية الكوردية قضية جدية يجب العثور على حلول جذرية لها، لما تعرض العراق لكل ما تعرض له. خاض الحرب ثمانية أعوام وغرق في الديون، فاضطر لغزو الكويت. ما أريد قوله ليس سرداً للتاريخ، بل أننا نتحدث في التاريخ لنعتبر به، وليس كقصة نرويها. ما أنا حريص عليه هو أننا في الجانبين علينا أن نسعى للتفكير الستراتيجي في حل هذه المشاكل. ما هو قائم الآن ليس بحل. كيف هو العراق؟ عندما تتحدث إلى السنة تجدهم خائفين من المستقبل وكيف قد يكون مستقبلهم. عندما تتحدث مع الإخوة الشيعة يظلون يتحدثون عما تعرضوا له وحل بهم، عندما تتحدث مع الكورد تجدهم خائفين من الماضي والحاضر والمستقبل. لا بد أن يتم حل هذا في يوم من الأيام ولا يمكن لهذا أن يستمر. كيف يتم حل هذا؟ أنا أمتلك قوة وأنت لا قوة لك، وأنا قوي وأنت ضعيف، لن تحل الأمور هكذا. هذه الأمور تحل من خلال الحوار والاجتماعات والتنازلات وإبداء المرونة. إن تم حل هذا، فلا شك أن هذا سيؤثر على الدول الأخرى إيجابياً وسيطرأ تغيير كبير على أحوال العراق. بالنتيجة، هذه هي ستراتيجية الإقليم سواء الآن، أم لما بعد الانتخابات، أم لما بعد ذلك، وهناك حقيقة، وهي أن الموضوع لا يقتصر على رئيس الوزراء. فالنظام في العراق، هو بصورة ما ورئيس الوزراء جزء من الموضوع، بل هناك قوى سياسية وأمور أخرى وليس سهلاً بل في غاية الصعوبة. أي أن الأمر ليس أن تتوصل إلى اتفاق مع رئيس الوزراء، وانتهى الأمر، بل أن المشاكل تبدأ عند ذلك وعليك أن تتحدث إلى القوى، عليك أن تتحدث إلى الأطراف السياسية وعليك أن تحشد لوبياً. في الحقيقة، هذا النموذج غير موجود في أي مكان من العالم إلا عندنا في العراق وفي الإقليم."


دعوني أقول شيئاً آخر وهو أن إقليم كوردستان صريح وواضح في أمر واحد وأننا نريد أن نكون عاملاً رئيساً للاستقرار في المنطقة ومع تركيا وإيران، لا شك ضمن إطار مساعدة العراق. فمثلاً علاقاتنا الآن مع تركيا جيدة جداً، وحجم التجارة التركية مع العراق يقارب 12 مليار دولار إن لم أكن مخطئاً، ومع إيران بنفس الشكل أو أقل أو أكثر. في السنة الماضية استطعنا حل المشاكل مع إيران إلى حد بعيد. أعتقد أنه بعد زياراتي إلى طهران، ولقاء مرشد جمهورية إيران الإسلامية آية الله الخامنئي، ثم رئيس الجمهورية، وزيارة رئيس جمهورية إيران لأربيل وبغداد، وكذلك رئيس الجمهورية التركية الذي زار أربيل قبلها مشكوراً، أثبت كل ذلك أننا في مرحلة جديدة من هذه العلاقات، ونحن حريصون جداً على البقاء كعامل أمن وأمان مع جيراننا، وأن نساعد بغداد، وكل ما فعلناه كان بالتنسيق عن كثب مع بغداد، ولم نسافر إلى أي مكان بدون علم بغداد، ذهابنا وعودتنا كانا بالتنسيق معها. يستطيع إقليم كوردستان أن يكون عوناً كبيراً لبغداد الآن وفي المستقبل."


وعن المعادلة السياسية وصورتها وسهولة أو صعوبة تشكيل الحكومة الجديدة لإقليم كوردستان، قال فخامة الرئيس نيجيرفان بارزاني:


"إن تشكيل التشكيلة الحكومية الجديدة لن يكون سهلاً، ودعونا نكون صريحين ولا نرفع من توقعات الشعب ونقول إننا سنشكل الحكومة الجديدة في أقرب وقت. لن يكون ذلك سهلاً، لكن لا أعتقد أنه مستحيل، وأن لا نتمكن من التوصل إلى اتفاق. بالنتيجة، هناك واقع سياسي في إقليم كوردستان وعلينا الإقرار بهذا الواقع السياسي. النقطة الثانية هي أن علينا الخروج من أجواء الحملة الانتخابية، انتهى، ثم إلى متى؟ جرت انتخابات، وجرت الحملة الانتخابية، وألقيت لاقطات، وحدثت أمور كثيرة، لكن هذا انتهى وانتهت تلك المرحلة. تجب قراءة هذه المرحلة كما هي، وأن نسعى في كل الأطراف لحل الأمور بعون الله."


ولدى إجابته على سؤال آخر للحاضرين عن مسألة نفط إقليم كوردستان، قال فخامة رئيس إقليم كوردستان:


"أشرت فيما سبق إلى أن رأينا في مسألة النفط هو أن النفط سلعة تجارية وليس سياسية، لكن عملية (استخراج) النفط نفسها جاءت بمليارات الدولارات إلى إقليم كوردستان، والبنى التحتية التي تأسست في إقليم كوردستان خلال هذه الفترة، وأريدكم أن تعرفوا هذا وأقولها للتاريخ، كان أغلبها بفضل عملية (استخراج) النفط. أما بشأن هل نجحنا نحن أم لم ننجح في هذا الموضوع، فلا أريد الخوض في مثل هذه المناقشة، وبإمكاني مناقشة أين كنا وهل نجحنا أم لا؟ لكن وحسب الدستور فإن النفط كان ملكاً لكل شعب العراق، وفي حينه عندما بدأنا بمسألة تصدير النفط، كان ذلك عندما قطعت بغداد عنا حصة إقليم كوردستان من الموازنة. للتاريخ، علينا أن نتذكر أننا اتفقنا مع بغداد على أنهم في حال لم يفوا بالتزاماتهم تجاه إقليم كوردستان سنكون مضطرين لاتخاذ هذه الخطوة، ولم نرد في أي وقت أن نفعل ذلك بعيداً عن بغداد، لأن المسألة الكوردية مسألة معقدة، وفي النتيجة مد أنبوب نفط وصدر النفط عبر تركيا، وهذا بحد ذاته لم يكن بالشيء القليل، بل كان كبيراً للغاية لتغيير تلك الفكرة، وهذا لم يكن لكوردستان وحده بل هو للعراق أيضاً. ما يهم الآن هو وجوب حمل هذا على محمل الجد في بغداد، والخسارة التي تلحق بالعراق جراء عدم السماح بفتح الأنبوب خسارة كبيرة جداً. أرجو أن يتم حل هذا في أقرب وقت."


وفي الختام، شكر فخامة الرئيس نيجيرفان بارزاني منظمي ملتقى ميري السنوي، وخص بالشكر د. دلاور علاءالدين الذي دعا كل هؤلاء الشخصيات من العراق وكوردستان ومن خارج البلد ليتمكنوا من عرض رؤاهم من خلال هذه المنصة وإجراء مناقشات علمية لمختلف المواضيع.