جرت صباح اليوم الاربعاء 3/8/2022 بحضور فخامة نيجيرفان بارزاني رئيس إقليم كوردستان، ممثل السيد مصطفى الكاظمي رئيس وزراء العراق، ممثلي الأمم المتحدة وقناصل وممثليات الدول الأجنبية، مسؤولي الأحزاب والحكومة في حدود محافظتي دهوك والموصل، أهالي وذوي الضحايا وعدد كبير من المواطنين الإيزديين، مراسم للذكرى الثامنة للإبادة الجماعية للإيزديين في سنجار وضواحيها من قبل منظمة داعش الارهابية، وذلك في قضاء سيميل التابع لمحافظة دهوك.
وفي المراسم وبعد إلقاء عدد من الكلمات من قبل السادة محافظ دهوك ووزير شؤون الشهداء، قدم فخامة الرئيس نيجيرفان بارزاني كلمة هذا نصها:
أهالي ضحايا فاجعة سنجار...
الضيوف الكرام والأحبة الحضور...
أهلاً بكم جميعاً..
قبل كل شيء أود أن أرحب بكم جميعاً وعلى وجه الخصوص بممثل السيد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الذي شرفنا اليوم، نرحب به ترحيبا حاراً، قناصل الدول الاجنبية في أربيل، الذين قدموا من أربيل، أرحب بهم ترحيباً حاراً.
نستذكر اليوم جميعنا بقلوب ملؤها الحزن الذكرى السنوية الثامنة للإبادة الجماعية لسنجار، التي هي كبرى فواجع القرن الحادي والعشرين، والتي ألمّت بالإيزديين وشعب كوردستان. فننحني إجلالاً للأرواح الطاهرة للشهداء والقرابين الإيزديين.
الفاجعة التي أتاها داعش، باتت صفحة أخرى دامية في تاريخ كوردستان وفرماناً آخر ضد الإيزديين. إذ راح ضحيتها خمسة آلاف طفل وامرأة ورجل إيزدي، ولا يزال هناك 2717 مختطفاً إيزدياً ولا يزال 325 ألف إيزدي يقطنون مخيمات النازحين، ولجأ مائة ألف إيزدي إلى مختلف دول العالم، كما تعرض أغلب سنجار للدمار وبات أهله في حالة مزرية وبلا مأوى.
تصوروا، أنه تم خلال أيام قلائل رمي آلاف الإيزديين بالرصاص، وتم دفنهم في قبور جماعية. واختطفت آلاف الفتيات والسيدات وتم بيعهن في أسواق النخاسة. وجرت محاولات كثيرة لاجبارهن على تغيير ديانتهن.
أيتها الأخوات والإخوة،
أعلم أن قلوبكم جميعاً مفعمة بالحزن والألم والحسرة، وهمكم كبير للغاية، هذا الامرالذي نحن بصدد الحديث عنه أمر محزن حقاً. لهذا علينا أن نضع دائماً حجم هذه الفاجعة نصب أعيننا، ونسعى ونعمل على الإسراع في حلها وتقليل آثارها، وبذل الجهود لكي لا تتكرر فاجعة كهذه في المستقبل.
هنا نستذكر مقولة للإيزديين، مفادها:
هنالك كثيرون قلوبهم حزينة
يحترمون انفسهم من نوم الليالي
يغادرون على قومهم وشعبهم
في الدنيا والآخرة، لا يخسرون في أي سوق
أيها الإيزديون...
منذ اليوم الأول لهذه الفاجعة، تعهدنا بأن نبذل كل ما في وسعنا لحماية وبقاء الإيزديين. رغم القتل الجماعي وتدمير سنجار، بيد أن بيع وشراء الأخوات والأمهات الإيزديات، جرح قلوب الإيزديين وقلوب كل شعب كوردستان أكثر من أي شيء آخر. هذا لا يزال جرحاً مفتوحاً لنا جميعاً ولا يمكن نسيانه بسهولة.
في ذلك الحين أنشأنا مكتباً، واستطعنا حتى الآن إنقاذ 3554 امرأة ورجلاً وطفلاً إيزدياً. وقد تعهدنا بأنه طالما بقيت امرأة أو رجل أو طفل مختطف، هذا واجب علينا وهو أقل ما يمكن ان نقوم به تجاه شعبنا، من أخواتنا وإخواننا الإيزديين هذا واجبنا وليست فيه اية منّة. وأدعو كل من لديه معلومات عن المختطفين، إلى التعاون مع مكتب المختطفين لنتمكن من العثور على المختطفين الباقين ونحررهم.
عندما وقعت تلك الفاجعة، أنجزت حكومة إقليم كوردستان بمساعدة أهالي دهوك الأحبة والأمم المتحدة، عملاً عاجلاً متعدد الجوانب، لإسكان ومساعدة نازحي سنجار. إن مساعدة الأهالي حينها وحالياً للنازحين، محل اعتزاز وشكر وتقدير متواصل. شكراً جزيلاً لأهالي دهوك وأهالي زاخو شكراً لأهالي بهدينان، شكراً لكافة الأهالي الذين يعيشون في هذه المنطقة، علماء الدين، المثقفين، اساتذة الجامعات، المعلمين وأي شخص قام بواجبه في هذه الايام لتقديم العون والمساعدة لأهلينا من النازحين الإيزديين، لا ننسى ذلك ابداً، في بعض المناطق قرر علماء الدين إخلاء المساجد للنازحين، هذه اللوحة للتعايش المشترك وبالاخص في كوردستان وبشكل اكثر خصوصية في محافظة دهوك موضع فخر لشعبنا، لمحافظة دهوك، ومن الضروري لكوردستان ولنا جميعا ان تبقى هذه الصورة إلى الابد وان يستمر هذا التعايش.
أيها الاحبة..
حينها تعهد رئيسنا مسعود بارزاني بتحرير سنجار وحماية مزار شرف الدين ولالش النوراني، وأقام لنفسه مقراً بالقرب من سنجار ولم يتوقف عن القتال في سنجار حتى يوم إعلان بشارة النصر في جبل سنجار حيث وفى بالوعد الذي قطعه لشعبنا.
البيشمركة الأبطال الذين استشهدوا في سبيل تحرير سنجار، والذين حموا جبل سنجار، سيبقون أبداً موضع تقدير شعب كوردستان، وكانت دماؤهم وبطولاتهم هي التي منعت داعش من محو الإيزديين.
أشكر كل المنظمات والشخصيات الإيزدية والكوردستانية التي عملت في الخارج ودول العالم للتعريف بفاجعة سنجار ودعم الإيزديين. أقدم شكري لدول التحالف التي قدمت الدعم والتعاون لنا في ذلك اليوم لتحرير سنجار، نأمل أن يستمروا لحين الاعتراف بهذه الفاجعة كإبادة جماعية في أغلب دول العالم.
أيها الحضور الكرام..
كوردستان والإيزدية هوية مشتركة تاريخية لشعبنا وجغرافيتنا. الإيزدية ديانة كوردستانية عريقة نظمت الحياة والعلاقات الإنسانية في كوردستان قبل ظهور الديانات الأخرى.
الإيزدية حافظت في نصوصها وتقاليدها على ثراء لغة وتراث الشعب الكوردي والكوردستاني. كوردستان هي مركز الإيزدية، وبقاء الإيزدية في كوردستان شرط ومركز بقاء الإيزدية.
لهذا، يجب أن يبقى الإيزديون على أرضهم في سنجار وفي كوردستان. وعليهم أن لا يتخلوا عن لالش النوراني ولا يتركوه بلا صاحب. يجب أن يبقى لالش النوراني أكثر زهواً وازدحاماً.
الإيزدية صعبة بعيداً عن كوردستان، وابتعاد الإيزديين عن كوردستان تهديد كبيرللإيزدية. كوردستان والإيزدية عقيدتان وجغرافيتان مترابطتان لا يمكن لاحد ان يفصلهما، لأن إيمان الإيزديين يتوطد بكوردستان، مثلما يقول القول الإيزدي الآتي:
أبلغوا كوردستان
ليرسخوا الإيمان
شرف الدين أمير في الديوان
من هنا أدعو كل الدول والمنظمات العالمية إلى مساندة منطقة سنجار، والشعب الإيزدي الذي تعرض للإبادة الجماعية. المهم دعم الإيزديين في إعمار منطقة سنجار وتأمين الخدمات وكل احتياجات الإيزديين على أرضهم. اللجوء إلى دول العالم خطر عظيم على الإيزديين ويهدد بفناء الإيزديين.
وككل شعب كوردستان، تعرض الإيزديون للإبادة الجماعية على يد الأنظمة العراقية السابقة كافة، هدم النظام السابق العشرات من قرى الإيزديين وتعرض الكثير من الإيزديين للاعتقالات الجماعية والتغييب، وتغيير هويتهم. وبعد العام 2003، تعرضوا للهجمات الوحشية من جانب القاعدة، ومن بينها رمي 40 عاملاً إيزدياً بالرصاص في الموصل، والقتل الجماعي في كرعزير وسيبا شيخدر. بعدها أقدم داعش على إبادة جماعية منظمة لمنطقة سنجار.
جمعُ العشرات من الوثائق على جريمة داعش هذه، لا يترك أي شك في كون ما ارتكب بحق الإيزديين إبادة جماعية وجريمة ضد الإنسانية وفقاً للقانون الدولي. أي أن دعم الإيزديين واجب قانوني ومهمة أخلاقية وإنسانية تقع على عاتق المجتمع الدولي.
مما يستحق الثناء، أن برلمان كوردستان أقر القتل الجماعي في سنجار كجريمة إبادة جماعية، وكذلك صدور قانون دعم الناجيات الإيزديات ومن الأقليات الأخرى من جانب البرلمان العراقي. وقام فريق الأمم المتحدة للتحقيق في جرائم داعش (يونيتاد) بجمع آلاف الوثائق لاستخدامها في المحكمة، وهناك محاولات في العديد من الدول لإقرار فاجعة سنجار كإبادة جماعية.
هذه كلها خطوات عظيمة لحماية الإيزديين. إلا أن قانون دعم الناجيات الإيزديات لم ينفذ بالكامل حتى الآن، وأحوال الناجيات في المخيمات سيئة للغاية بسبب فقدان الأمن والخدمات بسنجار.
لا يزال الشعب الإيزدي يئن من الآثار السيئة للإبادة الجماعية. وهذا يستدعي المزيد من العمل من جانب الحكومة الاتحادية العراقية بالتنسيق مع حكومة إقليم كوردستان. كما يتطلب دعماً مفتوحاً من الدول والمنظمات العالمية. فالإيزديون ضحايا إبادة جماعية ارتكبتها منظمة معادية للإنسانية جمعاء، ولا يصح أن ينسى العالم الإيزديين في هذه الظروف السيئة، عليهم ان يبذلوا ما يقدرون عليه لصالح الإيزديين.
أيها الحضور الكريم..
إن أوضاع سنجار غير طبيعية حتى الآن، ولم تتمكن عشرات آلاف العوائل من العودة إلى منطقة سنجار. واتفاق سنجار الذي تم بين حكومة إقليم كوردستان والحكومة العراقية لم يتم تطبيقه حتى الآن. الخدمات سيئة، ولا توجد في سنجار إدارة قانونية، ومشكلة وجود قوات من خارج المنظومة الدفاعية العراقية لم يتم حلها بعد. وتجري إعادة عوائل الدواعش بدون مراعاة الخطر الذي يهدد الإيزديين وأهالي تلك المنطقة. هذه كلها أمور جعلت أوضاع سنجار غير طبيعية.
على الذين يريدون دعم أهالي ومنطقة سنجار، أن يقوموا بتطبيع أوضاع سنجار وجعلها قانونية. والذين يحولون دون تطبيع أوضاع سنجار، لا يهمهم الإيزديون ولا يهمهم سنجار. يجب التوقف عن استخدام سنجار كورقة سياسية. يجب أن لا تُحوّل آلام أهالي سنجار إلى لعبة سياسية. ويجب السماح بتطبيع أوضاع سنجار.
تطبيع أوضاع سنجار وتشكيل إدارة شرعية بطريقة قانونية في المنطقة هو بالدرجة الأولى واجب الحكومة الاتحادية العراقية بالتعاون مع حكومة إقليم كوردستان، وكذلك عليها أن تحل القوات غير الشرعية وتقوم بتعيين أهالي المنطقة لحمايتها وإدارة شؤونها.
إن تحويل سنجار إلى محافظة وتخصيص ميزانية لهذا الغرض، قد يكون عاملاً جيداً للغاية لحل مشاكل سنجار ومحو آثار الفاجعة. كما أن هذه الخطوة ستطمئن أهالي المنطقة ليعودوا إلى أرض آبائهم وأجدادهم.
لهذا الغرض، أدعو كل الأطراف الكوردستانية والعراقية إلى دعم هذا المقترح، وأدعو المنظمات المحلية والعالمية والدولية إلى عدم تجاهل واجباتها تجاه الإيزديين وتجاه أهالي سنجار الاحبة.
وحسب الآراء فان الإيزديين لا زالوا منهكين وتائهين. بعد الإبادة الجماعية التي حاقت بهم، يحتاج الإيزديون إلى رعاية خاصة ويجب ان يُمنح لهم ذلك.
ایها الحضور الكرام
كما نلاحظ جميعاً، يزداد الوضع السياسي والأمني للعراق سوءاً. فاختلافات وصراعات القوى السياسية، وصلت إلى مستوى خطير جدا! العراق اليوم بحاجة إلى التعاون والعمل المشترك من القوى والمكونات العراقية كافة.
الامن والاستقرار في كافة المناطق العراقية مرتبط بعضه بالبعض الآخر. لذلك ادعو القوى والأطراف العراقية كافة مرة أخرى، ان يحلوا كافة المشاكل على طاولة المفاوضات.
وكذلك ادعو إلى الوئام ووحدة الصف والتعاون المشترك بين القوى والأطراف الكوردستانية. اليوم وفي ظل هذا الظرف الحساس والمعقد، فان الاتفاق ورص الصفوف لإقليم كوردستان اكثر الحاحاً وضرورة اكثر من أي وقت آخر. نحن نستطيع ان نحقق مكاسب اكبر، بمقدورنا ان نساعد انفسنا ونساعد اخوتنا في العراق ايضا ليتجاوزوا الوضع الراهن الذي يتعرضون له.
على الأطراف السياسية في إقليم كوردستان وضع حل لخلافاتهم حول مسألة الانتخابات وان يصلوا إلى تفاهم مشترك حتى يتسنى تحديد موعد للانتخابات والا تتأخر اكثر.
نامل ان تغدو الذكرى الثامنة لفاجعة سنجار حافزا للخطوات الجدية ولمعالجة مشاكل أهالي منطقة سنجار وتطبيع الأوضاع فيها وتامين الخدمات الضرورية والاعمار لهذه المنطقة.
ومع هذه الفاجعة الكبيرة، فان صمود الإيزديين موضع تقدير كبير. وبهذا الايمان والتحمل، فانا متاكد من قدرتنا على تضميد جروحهم، ونخطو معا نحو مستقبل افضل واكثر اشراقا لشعبنا.
شكراً لحضوركم.
تحية لارواح ضحايا فاجعة سنجار.
شكرخاص لمحافظة دهوك ولمحافظها لتعاونهم المستمر واخلاصهم كثيرا ما قلت واكرره اليوم، جمال كوردستان يتجلى في هذه اللوحة للتعايش المشترك. امنيتي هي ان يتحمل شعبنا سواء المسلمون منهم او الإيزديون او المسيحيون أو اي واحد منهم عربيا كان او تركمانيا من الذين نتشارك في هذا الوطن ونعيش فيه، مسؤوليتنا المشتركة لان مصيرنا مشترك آمل ان نصبو نحو المستقبل بشكل موحد.
اهلا بكم جميعا مرة ثانية وحللتم سهلا، وشكرا لحضوركم.