شارك فخامة رئيس إقليم كوردستان السيد نيجيرفان بارزاني، مساء اليوم (الأحد، 22 تشرين الأول 2023) في مراسم تخرج دفعة جديدة من طلبة جامعة سوران.
وخلال المراسم التي حضرها عدد من المسؤولين الحكوميين والحزبيين في المنطقة، ودبلوماسيون وممثلون عن الدول الأجنبية، وأساتذة جامعات وأكاديميون، وذوو وأقارب طلبة جامعة سوران، ألقى فخامة الرئيس نيجيرفان بارزاني كلمة هذا نصها:
مساء الخير..
الخريجون الأعزاء عوائل وذوو الخريجين والحضور الكرام.
طاب مساؤكم..
أهلاً بكم جميعاً..
وأود أن أرحب بصورة خاصة بالبعثات الدبلوماسية الموجودة في أربيل والتي شرفتنا اليوم بحضورها هذه المراسم. أرحب بهم ترحيباً حاراً، فأهلاً بهم.
من دواعي سروري أن نكون جميعنا هنا في هذا المساء، مع أعزائنا خريجي دفعة جديدة في جامعة سوران وعدد من خريجي الدراسات العليا للسنة الدراسية 2022 – 2023، ونشاركهم فرحتهم بالنجاح وبتخرج 1366 شاباً كفوءاً. أبارك لكم من الأعماق وأشد على أيديكم جميعاً، وأرجو لكم دوام النجاح.
كما أبارك وأثني على أمهاتكم وآبائكم وذويكم وأساتذة ورئاسة وكادر الجامعة، فمن خلال تشجيعهم وحرصهم ودعمهم شاركوا في نجاحكم اليوم. اليوم بالنسبة لكم أيها الخريجون الأعزاء ولنا جميعاً، يوم سعيد وكلنا نعتز به.
أيتها السيدات والسادة..
في سنة 2009، عندما قررنا تأسيس جامعة سوران، كنا نتطلع إلى أن نشهد يوما كيومنا هذا، حيث تتخرج مئات من شابات وشباب هذا البلد في العديد من الأقسام والتخصصات، وقد أكملوا دراستهم الجامعية ليبدأوا مرحلة جديدة في الحياة. حينها كان قرار تأسيس الجامعة جزءاً من برنامج لحكومة إقليم كوردستان يضم مجموعة من الخدمات الأخرى التي تقدم لهذه المنطقة.
والآن وبعد أن استحدثت حكومة إقليم كوردستان إدارة مستقلة لهذه المنطقة لإيلاء المزيد من الاهتمام بها وتقديم خدمات أكثر لها، أود أن أقول أنه في حينه لم أكن أميل إلى دعم إقامة إدارة مستقلة، جاءني ذات مرة السيد هلكورد الذي يتولى الآن هذه المسؤولية، وبعد أن حدثني قلت أنني الآن مقتنع وأجد هذا عملاً جيداً وأريد بحق أن أشد على أيديهم لتنفيذهم العديد من المشاريع المتنوعة في مجالات الطرق والماء والكهرباء والمباني وغيرها، أثني على جهودهم وأعبر عن دعمي لهم وأرجو لهم الموفقية. كما أشكر السيد كرمانج الذي تولى المسؤولية هنا سابقا، وبصمته واضحة بحق من خلال الأمور التي أنجزها في هذه المنطقة. أدعو لكم جميعاً بالعمر المديد والموفقية والنجاح في خدمة كوردستان وفي خدمة شعبنا.
من دواعي السرور أننا اليوم وبعد أربعة عشر عاماً نلمس دور وتأثير الجامعة في هذه المنطقة، ونشهد حضور ومستوى جامعة سوران المشهود. ففي هذه السنة وكما في مرات عديدة سابقة، كانت الأولى على مستوى جامعات إقليم كوردستان. وهذا مبعث فرح وفخر لنا جميعاً. أشد على أيدي السادة رئيس ورئاسة وأساتذة وطلبة وكادر الجامعة وأثني على دورهم الفاعل. أرجو أن أجدكم هكذا متفوقين دائماً في خدمة الوطن وكوردستان وشعبنا.
من الجدير هنا أن نتوجه بالشكر والتقدير للكادر الأول المؤسس لجامعة سوران. السيد الرئيس السابق للجامعة والكوادر الذين كانوا معه.
إن منطقة سوران وأطرافها، مركز مهم ومؤثر في ثورات كوردستان وكانت الحاضنة لكفاح ونضال العديد من أجيال شعب كوردستان خدمت وناضلت في سبيل الحرية والعزة. واليوم إذ نزف كوكبة أخرى من خريجي هذه الجامعة، فإن ذلك ثمرة تفان وتضحيات عظيمة لأبناء هذه المنطقة، الذين ناضلوا في سبيل عزة و انتصار شعبنا وقدموا الدماء. اليوم ننحني جميعنا معاً وبفخر إجلالاً وإكباراً لهم.
بالأمس، سطر آباؤكم وأجدادكم هنا تاريخاً يزخر بالفخر، من نضال وكدح وانضمام إلى صفوف البيشمركة ونزوح وهجرة، عانوا كثيراً لتكونوا أنتم أحراراً، وليكون لكم مستقبل أفضل، واليوم وبينما تتخرجون أنتم في الجامعة فإن من واجبكم أن تحققوا حلمهم في كوردستان حرة متقدمة، ومجتمع مدني منفتح، وبلد آمن وإقليم قوي.
لا تظنوا أنكم بإكمالكم الدراسة الجامعية ونيلكم الشهادات، قد انتهت مهمتكم وكدحكم، لا، بل هذه هي بداية الطريق في مرحلة العمل والإبداع وبناء وخدمة بلدكم. فعلى كل واحد منكم أن ينطلق في مجاله إلى الأمام ويشارك مشاركة فعالة في تطوير وازدهار البلد.
أنتم قادة المستقبل، ومستقبل البلد في أيديكم وأمانة في أعناقكم. فأنتم اليوم بالعمل والخدمة، وبالعلم والمعرفة، وبالإخلاص والوطنية، ترسمون مستقبل البلد. لذا، فإن واجبكم ومهمتكم كبيران ويحتاجان الكثير من العمل والجهد والسعي الحثيث. وأنا واثق أنكم ستكونون في مستوى التوقعات والمسؤولية. وبوجود شباب وجيل واع كفوء مثلكم، سيكون مستقبل كوردستان أفضل وسيكون بلا شك أكثر إشراقاً.
على شباب كوردستان أن يعملوا بأمل في سبيل مستقبل أفضل ولا يستسلموا. وأن لا تسمحوا أبداً للمشاكل والأزمات بأن تفقدكم الأمل. لا تسمحوا بوجود فسحة للفكر المتطرف والدخيل على المجتمع الكوردستاني. كونوا متأكدين من أن المشاكل والأزمات ستمر، وأننا بجهودكم ومساعيكم أنتم والمخلصين من أبناء كوردستان، سنبلغ مستقبلاً أفضل.
ومن هنا نجدد التعبير عن منتهى الشكر والتقدير لمواطني كوردستان المخلصين الذين يتفهمون الوضع كما هي عادتهم، ويراعون الأزمة والوضع المالي الصعب، ويواجهونه صامدين. نؤكد لشعب كوردستان أن المساعي الرامية لحل المشاكل والأزمات وتجاوزها متواصلة.
وفي هذا المجال، تبذل حكومة إقليم كوردستان مساعي واتصالات وحوارات جادة مع الحكومة الاتحادية العراقية، ونشكر التعامل والموقف المسؤول لدولة رئيس الوزراء السيد محمد شياع السوداني الذي أبدى النية الكاملة للتفاهم والحل للمشاكل مع حكومة إقليم كوردستان. نأمل أن نتوصل إلى حل قائم على أساس الدستور والنظام الاتحادي يصب في مصلحة العراق ككل.
لهذا ندعو السادة المعلمين والمدرسين والموظفين في التربية والتعليم العالي في كل بقعة من كوردستان والذين ضاق بهم الحال بسبب الأزمة ونتيجة لتأخر صرف الرواتب، أن يمنعوا تحويل التربية والتعليم ودراسة الأجيال إلى ضحية للظروف هذه. لا تدعوا أبواب المدارس والمعاهد والكليات مغلقة أكثر من هذا. نحن نتابع عن كثب أوضاعكم المعيشية، وكونوا متأكدين من أن حكومة إقليم كوردستان تبذل كل جهدها في سبيل تحسين الوضع القائم حالياً.
أيتها السيدات والسادة
الجامعة هي مركز العلم والتنشئة والمعرفة، ويجب أن يكون خريجو الجامعات مثالاً على الفرد الناجح المبدع البنّاء الناقد المبادر ذي الفكر المنفتح. يجب أن يكون لهم دور في العثور على حلول لأي مشكلة في أي مجال، وأن يكونوا مشاركين مؤثرين في إثراء الثقافة ومستوى الوعي لدى الفرد والمجتمع.
لهذا فإن على الجامعة أن تهتم دائماً بالمستويات الأعلى والأرقى للتعليم، وتفيد كل الإفادة من أحدث التطورات العلمية والتكنولوجية وتجدد نفسها دائماً وفق أحدث ما تم التوصل إليه في المجالات كافة. أن تولي اهتماماً خاصاً بمجالات الدراسات العلمية والإنسانية وتتواصل وتتعاون باستمرار مع الجامعات والمراكز العلمية في العالم.
لقد أضحت البشرية الآن في عالم جديد بالكامل. التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي يتقدمان كل يوم، حاملين معهما فرصاً حقيقية وتهديدات معقدة. هناك تحديث مستمر في مجالات الكيمياء والفيزياء وعلم الأحياء والعلوم الإنسانية والاجتماعية. وهناك مشاكل وأزمات جدية كتهديدات التغير المناخي، والتهديدات للأمن السايبراني، وتفشي أمراض وأوبئة جديدة، ومكافحة الفقر، والمشاكل الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والإدارية، كلها تخلق وباستمرار فرصاً وتحديات جديدة.
يجب أن تكون لدى جامعاتنا مراكز أبحاث جيدة جداً، وتجري دراسات جيدة جداً ومستمرة في هذه المجالات. أن يكون لها دور وأن تشارك في العثور على حلول للمشاكل والأزمات وسبل مواجهة المخاطر. فبالعلم والمعرفة وحدهما نستطيع أن ننعم بمستقبل أفضل ونجد لأنفسنا مكاناً في مصاف المجتمعات المتقدمة. لهذا نجدد من هنا، من جامعة سوران، التأكيد على كل الدعم لتعزيز مستويات الجامعات.
أيها الحضور الكريم..
بينما تمر المنطقة بظروف معقدة، فإننا في العراق وخاصة في إقليم كوردستان، نحتاج أكثر من أي وقت إلى الوئام والتفاهم المشترك. ويجب على كل الأطراف في العراق وإقليم كوردستان، أن تراقب بكل دقة كل احتمال وماذا علينا أن نفعل من أجل الحفاظ على أمان واستقرار بلدنا.
علينا جميعنا في العراق، أن نضع المصلحة العليا للشعب والوطن فوق كل شيء آخر. علينا أن نكون يقظين جداً، وأن لا نسمح تحت أي عذر بجرّ بلدنا نحو الخلافات والتعقيدات فيصبح جزءاً من مشاكل وفتن المنطقة. فباستثناء الخسائر وعدم الاستقرار والمصير المجهول، لن يجلب ذلك أي منفعة للعراق وللإقليم.
وفي إقليم كوردستان، يجب أن يكون التفاهم المشترك لإنهاء الخلافات السياسية ولحل المشاكل ومواجهة التحديات، هو الجامع بين كل الأطراف السياسية والمكونات. فإن كوننا معاً والعمل المشترك ووحدة الصف والتلاحم، وحده سيكون الحامي لحقوقنا ومكاسبنا الدستورية.
ختاماً، أود أن أهنئ مرة أخرى الخريجين وعوائلهم وذويهم والسادة الأعزاء رئيس وأساتذة وكادر جامعة سوران، وأبارك أيضاً للمقبولين الجدد للسنة الدراسية الحالية، وأقول لهم: أنتم محظوظون، بل محظوظون جداً لأنه تم قبولكم في جامعة متفوقة كجامعة سوران لتواصلوا دراستكم فيها، وأرجو أن نلقاكم دائماً متفقوقين وسعداء هكذا.
هناك أمر أعتقد أنني إن لم أتطرق إليه سأكون قد ظلمت بعض الشيء شخصاً جالساً هنا، هو د. إدريس هادي الذي كان حينها وزير التعليم العالي عند تأسيس جامعة سوران، وكنت بحكم مسؤوليتي حينها مطلعاً وعالماً بالجهود التي بذلها والخدمات التي قدمها، فأشكره من كل قلبي.
أرجو لكم جميعاً مساء سعيداً. وأرجو لكم النجاح والعمر المديد وليحفظكم الله تعالى ويوفقكم في خدمة بلدنا كوردستان، أطال الله أعماركم ولتدم كوردستان عامرة إن شاء الله بوجودكم جميعاً.
شكراً جزيلاً