Presidency of the Kurdistan Region of Iraq

نيجيرفان بارزاني: إقليم كوردستان بحاجة إلى قوة وطنية

نيجيرفان بارزاني: إقليم كوردستان بحاجة إلى قوة وطنية
2019-11-12T09:30:50.000000Z
القوات المسلحة

شارك السيد نيجيرفان بارزاني، رئيس إقليم كوردستان والقائد العام لقوات البيشمركة، اليوم الثلاثاء 12 تشرين الثاني 2019، في مراسم تخرج الدورة السادسة والعشرين لإعداد ضباط كوردستان في الكلية العسكرية بزاخو، وألقى في المراسم كلمة هذا نصها:

أيها الحضور الكريم،

قبل أن أبدأ كلمتي هذه، أود أن أوجه تحياتي واحترامي وحبي لأهالي مدينة زاخو، فمرحباً بهم وشكراً لهم. زاخو معقل الكوردايَتي، زاخو موطن البيشمركة والنضال والكفاح والتصدي. من هنا، أتوجه بتحياتي الحارة إلى أهالي زاخو وأطرافها.

شكراً جزيلاً لهذه الفرصة، شكراً جزيلاً لكم لأنكم سمحتم على مدى هذه السنوات بفتح هذه الأكاديمية هنا، التي هي ليست محل فخر لكوردستان ولمدينة زاخو فحسب، ولا لمنطقة بهدينان وحدها، بل هي موضع فخر لكوردستان وللعراق. فشكراً لضيافتكم، وأهلاً بكم جميعاً.

يسعدني أننا نشارك اليوم معاً في حفل تخرج الدورة السادسة والعشرين لإعداد ضباط كوردستان. أبارك للخريجين وأشد على يد الكلية العسكرية في زاخو لتنظيم وإدارة هذه الدورة. شكراً لجهود وتعب مشرفي ومعلمي ومدربي وعميد الكلية العسكرية. شكراً للجميع.

إن التنمية المتواصلة للقدرات البشرية، من أهم شروط وحاجات التقدم والتنمية في كل قطاع وبالصورة التي تلبي متطلبات المرحلة وروح العصر. إن الضباط هم مرتكز التخطيط والتاكتيك الحربي والتنظيم والإدارة للقوات العسكرية، لذا فإن التنمية المستمرة لقدرات شريحة الضباط تعد أهم استثمار في القطاع العسكري، لأن الرأسمال البشري يأتي في قمة هرم المصادر ورؤوس الأموال الأخرى.

إن للعلوم العسكرية، شأنها شأن العلوم الأخرى، خلفياتها وأسسها المعرفية الخاصة بها، وتتطور وتتجدد جنباً إلى جنب التطورات السريعة في مجالات التكنولوجيا والمعدات الحربية. إن دورات الإعداد والتعليم المستمر، حاجة هامة لكل الضباط، بل لكل القوات المسلحة في إقليم كوردستان. كما أن التربية والإعداد القائمين على الأسس الوطنية والإنسانية والشعور بالمسؤولية، تنتج مقاتلين ذوي عقيدة ومدافعين ذوي إرادة عن الحقوق والقيم الوطنية والإنسانية.

أيها الضباط الأحبة،

إنكم وكافة الضباط والبيشمركة والعاملين ضمن القوات المسلحة في كوردستان، الدرع الدائمي لهذا الوطن والمستعد للدفاع عن وجود وحقوق شعبكم. إن العقيدة الوطنية والقيم الإنسانية العليا هي الأسس الرئيسة لتفكيركم وأساليب تعاملكم.

البيشمركة وكل القوات المسلحة في كوردستان، قوات تتمتع بالأخلاق وبالسلمية وبحب الحياة. إنكم تحملون هذا الفكر. إن البيشمركة الذين عرفوا عالمياً كرمز للإرادة والصمود والحرية والحضارة الإنسانية، يتمتعون بهذه الخلفية من العقائد والقيم الإنسانية.

أحبتي خريجي دورة الإعداد السادسة والعشرين...

إنكم عندما أوتيتم فرصة المشاركة في هذه الدورة العلمية والتربوية، ستعودون إلى ممارسة مهامكم بمعلومات وخبرات أكبر، ومن المهم أن ينعكس نجاحكم في هذه الدورة عملياً على أعمالكم وقدراتكم، وأن ينتفع رفاقكم بالخبرات التي اكتسبتموها. إن الناجحين هم الذين يسعون دائماً من أجل تعلم المزيد لكي يؤدوا مهامهم وواجباتهم بصورة أفضل وأنسب.

إن مجال خدمتكم وواجباتكم، من أقدس المهام في هذا البلد، ويستحق أن يكون في مستوى عالٍ وكما هو المطلوب. إنكم وكافة قوات البيشمركة والقوات المسلحة في كوردستان، كنتم دائماً في مستوى توقعات شعبكم، وهزيمة إرهابيي داعش دليل حي على هذه الحقيقة تعتز بكم كوردستان الآن وإلى الأبد لتحقيقها. كوردستان تعتز بصمودكم ونضالكم وجهودكم في خنادق الدفاع. تعتز بأن لها أبناء مثلكم يدافعون عن الأرض والوطن وعن مكاسب هذا البلد وهذا الشعب.

أيها السادة...

إن إقليم كوردستان بحاجة إلى قوة مسلحة وطنية قائمة على أسس ومبادئ متطورة. قوة موحدة ذات عقيدة وطنية تعلو على كل الأهداف السياسية والحزبية والقومية والدينية والمذهبية. قوة مسلحة بالمبادئ الإنسانية وتحترم الاتفاقيات الدولية الخاصة بالحروب.

إن قوة حماية الشعب والوطن والمكاسب، لا يجوز أن تكون قوة تابعة للأحزاب والأطراف والجماعات. يجب أن تكون هذه القوة بمنأى عن الخلافات والصراعات الداخلية. كما لا يجوز استخدام قوات بيشمركة كوردستان بأي شكل من الأشكال لتحقيق أغراض سياسية ولا لحسم المشاكل السياسية. يجب أن يكون الالتزام والتمسك والإخلاص للوطن، لكوردستان وللكوردستانيين، الأسس التربوية والنضالية والمهنية لكم. يجب أن يرفض البيشمركة أنفسهم أن يكونوا بيشمركة حزب أو طرف ما، بل يجب أن يكونوا بيشمركة كوردستان ومكاسبها وهذا الشعب.

يجب أن تكون قوةً نظامية راسخة الأسس وفي مستوى التهديدات التي يتعرض لها إقليم كوردستان. قوة تستطيع مواجهة الأخطار والتهديدات، ومعتمدة على نفسها. أن تكون مستعدة لمواجهة كل الاحتمالات ولا تتفاجأ بحالات الخطر.

دافع البيشمركة والقوات الأمنية والمتطوعون بشهامة وقدموا التضحيات الجسام في حرب داعش. كانت تلك الحرب تجربة جديدة تماماً بالنسبة إلى البيشمركة. كانت تجربة صعبة وشديدة. كما كانت فرصة للمزيد من التعرف على نواقصنا ومشاكلنا في المجال العسكري. كانت درساً ينبغي أن نتعلم منه ونعرف كيف نبني قوة راسخة البنيان موحدة قائمة على الأسس والقواعد العسكرية.

خلال الحرب ضد إرهابيي داعش لم يكن ثم اختلاف بين بيشمركة ومسلحي هذا الحزب أو ذاك، وهذا الطرف أو ذاك، فقد كان الخطر والتهديد موجهين لنا جميعاً. كان الخطر والتهديد موجهين إلى كل كوردستان بالتساوي، لذا كان على البيشمركة، وإلى أي طرف كانوا ينتمون، أن يدافعوا كقوة واحدة وموحدة في نفس الخندق الدفاعي، أن يضحوا معاً ويستشهدوا ويصابوا معاً. أن يسطروا معاً ملحمة انتصار شعب كوردستان.

وفي المستقبل، وفي مواجهة أي خطر أو تهديد، أو حرب تمسك بخناق كوردستان، فإنها ستعنينا جميعاً وستواجهنا جميعاً بدون أن تفرق بين هذا الطرف أو ذاك. فكل تهديد للوطن، هو تهديد لمصير ومستقبل الجميع، بدون تفريق بين انتماءاتنا الآيديولوجية والحزبية والقومية والدينية والمذهبية. لهذا، ينبغي أن نعتبر من تجارب الماضي وأن نبني قوة موحدة كوردستانية نظامية راسخة قائمة على المبادئ والأسس العصرية. قوة يسيطر عليها مركز قرار واحد ولها قيادة واحدة وتكون واحدة من المظاهر البارزة المهيبة لإقليم كوردستان.

قوة تخوض عملية تنمية مستمرة من تدريب وتمرين، ودورات إعداد وتنمية قدرات، وتعليم مستمر ونيل علوم جديدة، قوية ومسلحة جيداً. كما ينبغي في نفس الوقت ضمان حياة أفضل لكافة الضباط والبيشمركة والعاملين في هذه القوة الوطنية وبما يتناسب مع واجبهم المقدس.

أيها السادة،

لقد آن الأوان لنحدد وبجرأة نواقصنا ومشاكلنا في المجال العسكري، ونتخذ بروح وطنية بعيدة عن التحزب والانتماء للأطراف وبجرأة قرار إزالة العقبات التي تعترض سبيل توحيد البيشمركة وتطويرهم، وأن نعمل جميعاً لإنجاح عملية الإصلاحات في وزارة شؤون البيشمركة وفي القوات المسلحة.

إن رئاسة إقليم كوردستان وحكومة الإقليم، يعملان باهتمام وجد كبيرين على موضوع توحيد وتنظيم البيشمركة والإصلاحات في وزارة شؤون البيشمركة. فرغم العقبات، سنواصل بجهود وبإخلاص كل الأطراف المخلصة لكوردستان وأصدقائنا، وسنفعّل كل الجهود لإنجاز هذا الواجب المقدس، الذي تطالبنا به دماء شهداء كوردستان والنضال الدؤوب للبيشمركة، وهذا بلا شك هو مطلب كل الأطراف والأفراد المخلصين لهذا الوطن ولكوردستان.

أجد من المناسب هنا أن أشكر دور مساعدة أصدقائنا، في قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية على مساعداتهم الصديقة التي قدموها لبيشمركة كوردستان، سواء في فترة حرب داعش أو في فترة السلم، من مساعدات مادية وحربية ولوجستية وصولاً إلى تدريب وتأهيل البيشمركة والقوات المسلحة في كوردستان. كذلك مساعدتهم في عملية إصلاحات وإعادة تنظيم وتوحيد البيشمركة مع بريطانيا وألمانيا وهولندا وغيرها من الدول. هذه المساعدات كلها موضع تقدير وينظر إليها إقليم كوردستان بعين التقدير والشكر.

أود في النهاية أن أكرر تهاني لكم وأن نتوجه من هذا الميدان بالتحايا والسلام للأرواح الطاهرة لرفاقكم في الخنادق الشهداء في كل كوردستان، لتسعد ذكراهم وليكن سبيلهم حافلاً للأبد بالساعين في سبيل خدمة هذا البلد ومكاسب هذا الشعب. كما أرجو الشفاء لرفاقكم الجرحى وعودتهم إلى صفوفكم. ننحني إجلالاً لعوائل وذوي الشهداء الذين قدموا أحبتهم لهذا الوطن من زاخو إلى خانقين وكل مكان في كوردستان.

مرة أخرى أتقدم لكم بأحر التهاني، أرجو لكم التوفيق والعزة في حياتكم.

شكراً جزيلاً..